(فقال) عيسى: (قد عُهِد) وأُوحي (إليَّ) نزولي من السماء إلى الأرض (فيما دون) أي: فيما قبل (وجبتها) أي: وجبة الساعة ووقوعها بغتةً؛ لأقتل الدجال (فأما وجبتها) أي: وقت وقوعها بغتة .. (فلا يعلمها) أي: فلا يعلم وقت وقوعها بغتة (إلا الله) عز وجل؛ والوجبة: السقطة مع الهَدَّة القوية، "كذا في القاموس".
وتطلق على وقوع الشيء بغتةً، يقال: وجبت الشمس، أي: وقعت وغربت؛ والمراد: أنه عهد إلي وأوحي نزولي إلى الأرض فيما قبل وقوع الساعة بغتةً بزمنٍ يسيرٍ، فـ (دون) هنا بمعنى (قبل) كما أشرنا إليه في الحل، متعلق بمصدر محذوف.
(فذكَرَ) عيسى (خروج الدجال) من مَحْبِسه إلى الأرض، فـ (قال) عيسى؛ أي: فقال عيسى: (فـ) عقب خروجه (أنزل) إلى الأرض (فأقتله) فالفعلان مسندان للمعلوم، أي: فأقتل الدجال (فيرجع الناس) من رؤوس الجبال (إلى بلادهم) ومُدُنِهم ومساكنهم بعدما شردُوا من الدجال.
قال القاضي عياض: نزول عيسى عليه السلام وقتله الدجال حق صحيح عند أهل السنة؛ للأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك، وليس في العقل ولا في الشرع ما يبطله، فوجب إثباته.
وأنكر ذلك بعض المعتزلة والجهمية ومن وافقهم، وزعموا أن هذه الأحاديث مردودة بقوله تعالى:{وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}(١) وبقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نبي