وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
حالة كون النواس (يقول: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال) أي: شأنه وفتنته في وقت (الغداة) وهي: أول النهار (فخفض) النبي صلى الله عليه وسلم صوته (فيه) أي: في ذكره؛ إبقاء للنشاط على نفسه (ورفع) صوته في ذكره تارة، ليسمع من بعد عنه، أو المعنى:(فخفض فيه) أي: حقر في شأنه (ورفع فيه) أي: عظم فتنته تارة أخرى.
وعبارة القرطبي: هنا: قوله: "فخفض فيه ورفع" - بتخفيف الفاء فيهما - أي: أكثر من الكلام فيه؛ فتارةً يرفع صوته، ليسمع من بعد عنه، وتارةً يخفض صوته؛ ليستريح من تعب الإعلان، وهذه الحالة حالة المكثر من الكلام.
وقيل: معناه: فحقره وصغره تارة؛ كما قال في حديث آخر:"هو أهون على الله من ذلك" وتارة عظمه؛ كما قال:"ليس بين يدي الساعة خلق أكبر فتنة من الدجال"، والمعنى الأول أسبق إلى الفهم.
وقد روى اللفظان:(فخفض فيه ورفع) مشددًا الفاء، وهو التضعيف والتكثير، أي: للمبالغة في كثرة ذلك. انتهى من "المفهم".
قال النووي: وفي معناه قولان:
الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الكلام في شأنه؛ فتارة رفع صوته؛ ليسمعه كل أحد، وأخرى خفض؛ ليستريح من تعب الجهر.
والثاني: أن المراد من التخفيض: تصغير شأنه وتحقيره، كما ذكر أنه أعور وأهون على الله من ذلك، وأنه لا يقدر على قتل أحد إلا ذلك الرجل، ثم يعجز عنه، وأنه يضمحل أمره، ويقتل بيد عيسى عليه السلام.