والمعنى: لا ينبغي للمؤمن الحازم أن يُخْدع من جهة واحدةٍ مرتين. انتهى.
وقال في "العون": وهذا الحديث ورد حين أسر النبي صلى الله عليه وسلم أبا عزة - بالعين المهملة والزاي المعجمة - الشاعر يوم بدر، فمن عليه، وعاهده ألا يحرض عليه ولا يهجوه وأطلقه، فلحق بقومه، ثم رجع إلى التحريض والهجاء، ثم أسره يوم أحد، فسأله (لمن، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث.
قال الخطابي في "المعالم": هذا الحديث يروى على وجهين من الإعراب:
أحدهما: بضم الغين على الخبر؛ معناه: أن المؤمن الممدوح هو الكيس الحازم الذي لا يؤتى من ناحية الغفلة، فيخدع مرة بعد أخرى، وهو لا يفطن لذلك ولا يشعر به، وقد قيل: إنه صلى الله عليه وسلم أراد به: الخداع في أمر الآخرة، دون أمر الدنيا.
والوجه الآخر: أن تكون الرواية بكسر الغين في (لا يلدغِ المؤمن) على النهي؛ يقول عليه السلام: لا يخدعن المؤمن، ولا يؤتين من ناحية الغفلة، فيقع في مكروه أو شر وهو لا يشعر، وليكن حذرًا مستيقظًا، وهذا قد يصلح أن يكون في أمر الدنيا والآخرة. انتهى، انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأدب، باب لا يلاع المؤمن من جحر مرتين، ومسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب لا يلدغ المؤمن مرتين، وأبو داوود في كتاب الأدب، باب في الحذر من الناس.
فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة.