للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِذَا قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ .. دَخَلَاهَا جَمِيعًا".

===

الشرطية وجوبًا؛ لكون الجواب جملة اسمية؛ والتقدير: إذا حمل أحد المسلمين السلاح؛ أي: آلة القتل لأجل قتل أخيه .. (فهما) أي: فحامل السلاح وأخوه الذي حمل السلاح لأجل قتله .. كائنان يوم القيامة (على جرف جهنم) أي: على جانبها القريب السقوط في داخلها؛ والجرف - بضم الجيم والراء أو مع سكون الراء - مستعار من جرف النهر؛ وهو طرفه الذي أكله السيل.

وفي رواية: (على حرف جهنم) - بفتح الحاء المهملة والراء الساكنة - أي: على جانب جهنم، وكلاهما كناية عن قربهما إلى جهنم.

(فإذا قتل أحدهما صاحبه .. دخلاها) أي: دخلا جهنم حالة كونهما (جميعًا) أي: مجتمعين على الدخول فيها؛ والمعنى: دخل القاتل والمقتول جهنم؛ يعني: أنهما مستحقان لها؛ أما القاتل .. فبالقتل الحرام، وأما المقتول .. فبالقصد الحرام؛ والمستحق للشيء قد يعفى عنه، وإن الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.

فأما من اعتقد استحلال دم المسلم بغير سبب ولا تأويل .. فهو كافر، وهذا؛ أي: كونُهما في النار .. محمول على مَنْ لا تأويل له، ويمكن قتالهما عصبية أو وطنية، وليس المراد: خلودهُما في النار، وإنما المراد: دخولُهما فيها؛ لارتكابهما معصيةَ المقاتلةِ بغير مجوِّز شرعي، قاله القاضي عياض.

قال النووي: واعلم: أن الدماء التي جرت بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم ليست داخلة في هذا الوعيد؛ ومذهب أهل السنة والحق: إحسان الظن بهم والإمساك عما شجر بينهم، وتأويل قتالهم، وأنهم مجتهدون متأولون لم يقصدوا معصية، ولا محض الدنيا، بل اعتقد كل فريق أنه المحق، ومخالفه باغ، فوجب عليه قتاله؛ ليرجع إلى أمر الله تعالى، وكان بعضهم مصيبًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>