له من قربها واختلاط أهلها؛ لما سيؤول أمرها إلى محاربة أهلها.
قال النووي: معناه: بيان عظيم خطرها، والحث على تجنبها والهرب منها، ومن التسبب في شيء منها، وإن شرها وفتنتها يكون على حسب التعلق بها؛ أي: كلما بعد الإنسان من مباشرتها .. يكون خيرًا.
والفاء في قوله:(فكسروا قسيكم) فاء الإفصاح؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر؛ تقديره: فإذا رأيتم الأمر كذالك .. فكسروا قسيكم - بكسرتين وتشديد التحتانية - جمع لقوس، وفي العدول عن الكسر إلى التكسير مبالغة؛ لأن باب التفعيل للتكثير (وقطعوا) فيها من التقطيع (أوتاركم) جمع وتر - بفتحتين - قال القاري: فيه زيادة من المبالغة؛ إذ لا منفعة لوجود الأوتار بعد كسر القسي، أو المراد به: لئلا ينتفع بها الغير (واضربوا بسيوفكم الحجارة) أي: حتى تنكسر أو حتى تذهب حدتها.
قال النووي: قيل المراد: كسر السيف حقيقة على ظاهر الحديث؛ ليسد على نفسه باب هذا القتال، وقيل: هو مجاز؛ والمراد: ترك القتال، والأول: هو الأصح، وعلى هذا القياس الأرماح وسائر السلاح.
(فإن دخل) - بالبناء للمفعول - أي: إن دخل (على أحدكم) البيت .. (فليكن) ذلك الأحد (كخير ابني آدم) في الاستسلام للقتل، وهو هابيل، قتله أخوه قابيل؛ أي: فليكن قتيلًا كهابيل، ولا يكن قاتلًا كقابيل؛ يريد: أن الصبر على الموت فيها أحسن من الحركة؛ لكون الحركة تزيد في الفتنة. انتهى من "العون" و"البذل".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الفتن والملاحم،