الكثرة؛ لأن كلماته سبحانه غير متناهية، فلا يُلْحَقُ بها المتناهي في العدد ولا في الكثرة. انتهى منه.
ومعنى هذه الكلمات: أسبح الله تعالى بقلبي، وأنزهه من جميع النقائص حالة كوني ملتبسًا بلساني بحمده تسبيحًا يساوي بعدد مخلوقاته، وتسبيحًا يساوي بعدد رضاه عمن رضي عنهم من النبيين والصديقين والصالحين، وتسبيحًا يساوي بوزن عرشه لو كان معلومًا، ولا يَعْلَمُ وَزْنَ عرشه إلا الله عز وجل، وتسبيحًا يساوي بعدد كلماتِه المادَّةِ؛ أي: الزائدة زيادة لا تنفد ولا نهاية لها.
والحديث دليل على فضل هذه الكلمات وأن قائلها يدرك فضيلة تكرار القول بالعدد المذكور، ولا يقال: إن مشقة من قال هكذا أخف من مشقة من كرر لفظ الذكر حتى يبلغ إلى العددِ المذكورِ؛ يعني: عدد خلقه وما بعده.
قلت: إنَّ هذا بابٌ مَنحَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لعباد الله وأرشدهم إليه، ودلهم عليه تخفيفًا لهم وتكثيرًا لأجورهم من غير تعب ولا نصب، فلله الحمد والمنة. انتهى من "التحفة".
وقال القرطبي: وإنما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأمور على جهة الإِغْياءِ والكثرةِ التي لا تنحصر، مُنبِّهًا على أن الذاكر بهذه الكلمات ينبغي له أن يكون بحيث لو تمكن من تسبيح الله وتحميده وتعظيمه عددًا لا يتناهى ولا ينحصر .. لفَعَل ذلك، فحصل له من الثواب ما لا يدخلُ تحت حساب. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التسبيح أول النهار وعند النوم، والترمذي في كتاب الدعوات (١٠٤)، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.