للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حكى الماوردي الإجماع على أنه من فكر بقلبه فأنزل فلا شاء عليه، ثم لو صح هذا الأثر فإنه لا يقوى على معارضة الأحاديث الصحيحة.

الراجح في المسألة: أن إنزال المني بشهوة، سواء كان باستمناء، أو بقبلةٍ، يُفْطِرُ الصائم، والدليل على ذلك قول النبي : «يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي».

والذى يستمني لم يدع الشهوة.

وقد نُقل الإجماع على أن إنزال المنى بشهوة سواء كان بقبلةٍ أو باليد يفطر الصائم.

قال ابن قدامة: إذَا قَبَّلَ فَأَمْنَى، فَيُفْطِرَ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ.

وقال النووي: إذا استمنى بيده - وهو استخراج المني - أفطر بلا خلاف.

قال الماوردي (١): أَمَّا إِنْ وَطِئَ دُونَ الْفَرْجِ أَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فَلَمْ يُنْزِلْ، فَهُوَ عَلَى صَوْمِهِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ. وَإِنْ أَنْزَلَ فَقَدْ أَفْطَرَ وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ إِجْمَاعًا.

• فتاوى معاصرة:

المسألة الأولى: حكم ما يسمى بالعادة السرية في نهار رمضان؟

سئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين: في رمضان السابق وأنا صائم وقعت في العادة السرية، فماذا يجب عليَّ؟

فأجاب: عليك أن تتوب إلى الله من هذه العادة؛ لأنها محرمة على أصح القولين لأهل العلم؛ لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ٥ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ٦ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ٧﴾ [المؤمنون: ٥ - ٧]، ولقول النبي : «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ».

فأرشد الشباب الذين لا يستطيعون الباءة إلى الصوم، والصوم فيه نوع من المشقة بلا شكٍّ، ولو كانت العادة السرية جائزة لأرشد النبي إليها؛ لأنها أهون على الشباب؛ ولأن فيها شيئًا من المتعة، وما كان النبي يعدِل عن الأسهل إلى الأشق لو كان


(١) «الحاوي» (٣/ ٢٩٠).

<<  <   >  >>