للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَاحِدًا، وَقَالَ: "لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا"

===

(واحدًا، وقال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لعله (١) يخفف عنهما ما لم ييبسا) (٢).

قال الحافظ في "فتح الباري": قال المازري: يحتمل أن يكون (٣) أوحي إليه أن العذاب يخفف عنهما هذه المدة، انتهى. فعلى هذا "لعل" ها هنا للتعليل، وقال الخطابي: هو محمول على أنه دعا لهما بالتخفيف مدة بقاء النداوة، لا أن في الجريدة معنى يخصه، ولا أن في الرطب معنى ليس في اليابس، قال: وقد قيل: إن المعنى فيه أنه يسبح ما دام رطبًا، فيحصل التخفيف ببركة التسبيح (٤)، وعلى هذا فيطرد في كل ما فيه رطوبة من الأشجار وغيرها، وكذلك فيما فيه بركة كالذكر وتلاوة القرآن من باب الأولى، وقد استنكر الخطابي ومن تبعه وضع الناس الجريد ونحوه في القبر عملاً بهذا الحديث، قال الطرطوشي: لأن ذلك خاص ببركة يده، وقال القاضي عياض: لأنه علل غرزهما على القبر بأمر مغيَّب وهو قوله: "ليعذبان".

قلت: لا يلزم من كوننا لا نعلم أيعذب أم لا أن لا نتسبب له في أمر يخفف عنه العذاب أن لو عُذب، كما لا يمنع كوننا لا ندري أرحم أم لا أن لا ندعو له بالرحمة، وليس في السياق ما يقطع على أنه باشر الوضع بيده الكريمة، بل يحتمل أن يكون أمر به، وقد تأسّى بريدة بن الحصيب الصحابي بذلك، فأوصى أن توضع على قبره جريدتان، كما سيأتي في


(١) الضمير للشأن "ابن رسلان". (ش).
(٢) بسط ابن رسلان في ضبطه واختلاف الروايات فيه. (ش).
(٣) ولفظ مسلم في الحديث الطويل: "وأجيبت شفاعتي أن يرفع ذلك عنهما ما لم ييبسا". (ش). [انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (٢/ ٢٠٥)].
(٤) قال ابن عابدين (٢/ ٢٤٥): صرح به جمع من الشافعية، وهذا أولى بما حكاه بعض المالكية من أن التخفيف حصل ببركة يده الشريفة. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>