للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَدِمْنَا الشَّامَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ، فَكُنَّا نَنْحَرِفُ عَنْهَا وَنَسْتَغْفِرُ الله.

===

والمغرب لئلا يقع استقبالكم واستدباركم إلى القبلة، وهذا خطاب مختص لأهل المدينة ومن في حكمهم من الساكنين في جهة الشمال والجنوب من الكعبة، فأما من كانت قبلته إلى جهة الغرب أو الشرق، فإنه ينحرف إلى الجنوب أو الشمال.

(فقدمنا الشام) (١) أي غزاة ففتحناها (فوجدنا مراحيض قد بُنيت قِبَلَ القبلة)، مراحيض بفتح الميم والحاء المهملة والضاد المعجمة كمصابيح، جمع مرحاض (٢) كمحراب، أمكنة غسل وخلاء، والظاهر أن قدوم أبي أيوب - رضي الله عنه - الشام كان عند فتح الشام، وكانت المراحيض التي بنيت فيها من بناء الكفار النصارى الذين يسكنون فيها قبل فتح المسلمين، فبنوها متوجهًا إلى جهة الكعبة، وبعيد غاية البعد أن يكون بناؤها من المسلمين مستقبل الكعبة.

(فكنا ننحرف عنها ونستغفر الله) تعالى، يعني كنا نجلس (٣) مستقبَل القبلة نسيانًا على وفق بناء المراحيض، ثم ننتبه على تلك الهيئة المكروهة، فننحرف عنها، ونستغفر الله تعالى (٤) عنها، وتأويل الاستغفار لباني الكنف في غاية البعد.


(١) وفي رواية النسائي و"موطأ مالك": "بمصر" فتأمل. (ش).
(٢) أصله المغتسل من قولهم: رحضت الثوب، ثم استعير للمستراح, لأنه موضع غسل النجو (ش).
(٣) كذا قاله ابن دقيق العيد، انظر: "إحكام الأحكام" (١/ ٥٥). (ش).
(٤) فإن قيل: الساهي لا يأثم , قلت: أهل الورع والمناصب العلية يستغفرون لمثل هذا "ابن رسلان". وقال ابن العربي في "العارضة" (١/ ٢٥): هذا يحتمل ثلاثة أوجه. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>