للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وعمر - رضي الله عنهما - فلم يقبله عبد الله، وقال: أفلم تر عمر لم يقنع بقول عمار، فكيف يستدل بأمر لم يقنع عمر عليه ولم يقبله، وجواب ابن مسعود هذا وإن لم يكن قاطعًا لاستدلال أبي موسى, لأن عدم قناعة عمر كان لأنه لم يحفظه، فكيف يسقط الاحتجاج بقول من حفظه، ولكن انتقل أبو موسى إلى استدلال آخر قصرًا للبحث وحذرًا عن طول الكلام، فاستدل على مدعاه بالآية التي في سورة المائدة، فقبل عبد الله هذا الاستدلال، وان كان يمكن له أن يقول: المراد بالملامسة غير المجامعة، ولكن اكتفى عبد الله بن مسعود على بيان مذهبه.

وحاصله أنه لا يقول بعدم جواز التيمم للجنب مطلقًا بل هو مسلم عنده أيضًا. وهذا الذي قلته من عدم جوازه كان دفعًا للمفسدة لئلا يتسارع الناس في ذلك إذا برد عليهم الماء أو عرض لهم عذر يسير، فلو رخص لهم في ذلك لاستبقوا إلى التيمم، فلأجل ذلك قلت هذا القول احتياطًا وسدًّا للباب، وقد أخرج البخاري هذا الحديث في "صحيحه" بهذا الترتيب من طريق حفص بن غياث عن الأعمش، عن شقيق، وأما على هذا الترتيب الذي في أبي داود، فلما انقطع البحث بالاستدلال بالآية، ووافق عبد الله أبا موسى في المسألة، فلا معنى بعده للاستدلال بقول عمار.

واعلم أن العلماء بعد ما اتفقوا على مشروعية التيمم للصلاة عند عدم الماء من غير فرق بين المحدث والجنب، وأجمعوا على ذلك، ولم يخالف فيه أحد إلَّا ما حكي عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود، وحكي مثله عن إبراهيم النخعي من عدم جوازه للجنب، وقيل: إن عمر وعبد الله رجعا عن ذلك، اختلفوا في أن التيمم ضربة واحدة أو ضربتان أو ثلاث ضربات، وفي أن محل المسح في التيمم من

<<  <  ج: ص:  >  >>