كان الله معه في كل شيء كما في الحديث القدسي الصحيح:«وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه .. ».
رواه البخاري. وهو مخرج في الصحيحة ١٦٤٠.
وإذا كانت هذه العناية الإلهية إنما هي بعبده المحبوب من الله كان واجبا على كل مسلم أن يتخذ السبب الذي يجعله محبوبا عند الله ألا وهو اتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحده دون سواه وبذلك فقط يحظى بالعناية الخاصة من مولاه تبارك وتعالى ألست ترى أنه لا سبيل إلى معرفة الفرائض وتميزها من النوافل إلا باتباعه - صلى الله عليه وسلم - وحده؟ .
إذا عرف هذا فإني أرى لزاما علي انطلاقا من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «الدين النصيحة»(١) أن أذكر من ابتلي من إخواننا المسلمين - من كانوا وحيثما كانوا بالغناء الصوفي أو بما يسمونه بالأناشيد الدينية اسماعا واستماعا بما يلي:
أولا: أن مما لا يرتاب فيه عالم من علماء المسلمين العارفين حقا بفقه الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح الذين أمرنا بالتمسك بنهجهم ونهينا عن مخالفة سبيلهم في مثل قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} أقول: لا يخفى على أحد من هؤلاء العلماء أن الغناء المذكور محدث لم يكن معروفا في القرون المشهود لها بالخيرية.
ثانيا: أنه من المسلم عندهم أنه لا يجوز التقرب إلى الله إلا بما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما تقدم بيانه وقد ضرب لذلك شيخ الإسلام ابن تيمية بعض الأمثلة التي تؤكد لكل ذي علم منصف ما ذكرنا فقال رحمه الله تعالى:
ومن المعلوم أن الدين له أصلان فلا دين إلا ما شرع الله ولا حرام إلا ما حرمه
(١) رواه مسلم عن تميم الداري رضي الله عنه وهو مخرج في الإرواء رقم ٢٦ وغاية المرام ٣٣٢. [منه].