منطقي مقبول، لكن العلة دونها، وهو الحارث بن عمرو هذا، ولذلك فالسند ضعيف باتفاق علماء الحديث.
ولذلك حكم أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري على إنكار هذا الحديث بهذا الإسناد.
أما كونه باطل من حيث متنه، فهو أنه جعل مرتبة السنة، هنا الدِّقة، جعل مرتبة السنة بالنسبة للقرآن كمرتبة السنة مع القياس، متى يقيس الإنسان؟ حين لا يجد في السنة، متى يلجأ إلى السنة، حينما لا يجد في القرآن، هذا خطأ يجب الجمع بين القرآن والسنة معاً، وليس أن تنظر في القرآن، والله ما وجدت الجواب، تنتهج السنة، نزلت السنة ما وجدت الجواب، هاه تجتهد رأيك، ليس هكذا منزلة السنة من القرآن كمنزلة القياس من السنة، وإنما هما توأمان، كما أشار إلى ذلك عليه الصلاة والسلام بقوله:«تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما، كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض»، ولذلك فمن أصول الفقه السلفي الصحيح هو: إنما يريد الإنسان أن يعطي حكماً في مسألة ما، أن ينظر إلى الثقلين إلى المصدرين الأساسيين الكتاب والسنة.
ننزل بعد ذلك كما جاء في حديث معاذ: يجتهد رأيه، أما الفصل بينهما فهذا هو منشأ الضلال.
وأنا في اعتقادي أنه من أكبر أسباب الفرقة التي جعلت المسلمين فِرقاً وشيعاً وأحزاباً، هو أنهم لم يجروا بنسبة واحدة في تطبيق هذا المنهج العلمي الصحيح، وهو الجمع دائماً بين الكتاب والسنة في كل مسألة أصدروا فيها رأياً.
وبخاصة إذا كانت مسألة لها علاقة بالعقيدة، فلهذا لا يجوز التفريق بين القرآن وبين السنة، فإذا عرفت هذه الحقيقة، وكان معلوماً لديك أن العم والخال هما من المحارم، فلا يهمنك بعد ذلك أنهما لم يذكرا في آية:{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ}[النور: ٣١] إلى آخره، وهذا مثاله مثال الرضاع، وله أمثلة كثيرة وكثيرة