القصر في السفر في أرجح قولي العلماء هو عزيمة وليس برخصة، أي يجب عليه أن يقصر فلا يجوز له الإتمام وذلك لأحاديث كثيرة جاءت بهذا الصدد، من أهمها قول السيدة عائشة رضي الله عنها «فرضت الصلاة في السفر ركعتين، فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فأُقرت في السفر وزيدت في الحضر» فإذاً أصل المفروض من الصلوات هو ركعتان ركعتان، إلا صلاة المغرب كما في رواية في مسند الإمام أحمد رحمه الله، فقولها فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، تنبيه قوي جداً إلى أن الأصل في الصلاة أنها ثنائية، فإذا قالت فيما بعد فأُقرت في السفر أي هذه الفريضة أُقرت في السفر وزيدت في الحضر.
كذلك يدل على تأكيد فريضة أو عزيمة القصر في السفر ما رواه الإمام مسلم في صحيحه أن رجلاً قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه لو أنني أدركت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسألته، قال له ماكنت تسأله قال عن قوله تعالى الآية السابقة «ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا»، فقلت ما بالنا نقصر وقد أمنا، قال قد سألته عليه الصلاة والسلام هذا السؤال فأجاب بقوله «صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته»، ربنا الكريم تصدق علينا فخفف علينا صلاتنا المعتادة في حالة الإقامة الرباعية فجعلها ركعتين ركعتين، فهل يجوز للعبد أن لا يقبل صدقة سيده هذا لوكان بين بشر بعضهم مع بعض لم يكن مقبولاً فكيف يقبل أن يستنكف العبد المخلوق عن قبول صدقة الخالق سبحانه وتعالى، هذا استنباط معنوي لكن قوله عليه السلام «فاقبلوا صدقته» يؤكد هذا المعنى ويوجب علينا ان نقصر في الصلاة وألا نتم، هذا استدلال بالأمر الذي يقتضي الوجوب ثم النظر يؤكد ذلك أيضاً فيما إذا نظرنا إلى بعض المبادئ العامة التي فيها ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يركز معنى ما سيأتي في أذهان أصحابه.
حينما يخطب على الناس فيقول «وخير الهُدى هُدى محمد - صلى الله عليه وسلم -»، وهذه حقيقة لا خلاف بين المسلمين فيها، والحمد لله وإذا علمنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما سافر سفراً إلا وقصر ولم يتم، وما رواه الدارقطني وغيره عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «في السفر كان يتم ويقصر ويصوم ويفطر» فهذا الحديث بهذا اللفظ لا يصح