الذي يتسع لقراءة المؤتم للفاتحة، ويؤكد الإمام ابن القيم رحمه الله بقوله: لو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسكت سكتة طويلة بعد فراغه من قراءة الفاتحة لتوفرت الدواعي لنقل هذه السكتة وللتوجه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن سؤاله عن هذه السكتة، كما جاء في السكتة الأولى، فقد أخرج الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:«كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كبر للصلاة سكت هنيئة، فقلنا: يا رسول الله! أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ماذا تقول؟ قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب» إلى آخر الدعاء المذكور في الصحيحين، ومذكور في صفة الصلاة وغيره من كتب الأذكار.
فهذه السكتة الطويلة التي اتسعت لهذا الدعاء استرعى انتباه الصحابة فتوجهوا بسؤاله عليه السلام: ماذا تقول؟ فأجابهم، فلو كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يسكت أخذت هذه السكتة بعد فراغه من الفاتحة لسألوه أيضاً ولأجابهم: أسكت ليقرأ المقتدي الفاتحة؛ لأنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، لكن شيئاً من ذلك لم يقع فدل على أن هذه السكتة كانت سكتة طبيعية؛ لأن الإمام عندما يريد أن يطيل من قراءة الفاتحة يريد أن يأخذ نفس ليقرأ القراءة التي تليها، فهذه سكتة عادية تماماً ليست سكتةً تعبدية طويلة لإيجاد الوقت للمقتدي أن يقرأ فاتحة الكتاب.
وبهذه المناسبة أقول: إن على أولئك الناس وبخاصة منهم الأئمة الذي يرون شرعية هذه السكتة بعد فراغ الإمام من قراءة الفاتحة إذا كانوا يرون ذلك وهو غير ثابت كما شرحنا، لكن نحن لا نستطيع أن نفرض على الناس رأياً تبنوا هم رأياً لأنفسهم لكن علينا أن نبين للناس ما عندنا من العلم ثم من شاء تبناه ومن ظل على ما كان تبناه، لكن إذا تبنى شيئاً فعليه أن يثبته كما تبناه، فأنت أيها الإمام ترى شرعية سكوتك بعد الفاتحة من أجل أن يتمكن المقتدي من قراءتها، لكنك لا تسكت هذه السكتة الطويلة، لا يكاد القارئ خلف هذا الإمام أو ذاك يقرأ أقل من نصف الفاتحة إلا يكون هو كبر للركوع فإذاً: إما أن تتابع القراءة بعد فراغك من الفاتحة دون السكتة المقصودة الطويلة، وإما أن تطيلها بمقدار يقرأ المقتدون من خلفك هذه السورة المباركة سورة الفاتحة، نعم.