قال:«فاقرأه في سَبْعٍ، ولا تزد على ذلك». ثم رَخَّصَ له أن يقرأه في خمس. ثم رَخَّصَ له أن يقرأه في ثلاث.
ونهاه أن يقرأه في أقل من ذلك. وعَلَّلَ ذلك في قوله له:«من قرأ القرآن في أقل من ثلاث؛ لم يفقَهْهُ». وفي لفظ:«لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث». [ساق الإمام روايات الحديث ثم قال]:
ثم في قوله له:«فإن لكل عابد شِرَّةً، ولكل شِرَّةٍ فترة؛ فإما إلى سنة، وإما إلى بدعة. فمن كانت فترته إلى سنة؛ فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك؛ فقد هلك».
واعلم أن الظاهر من اختلاف روايات هذا الحديث أن القصة تكررت بينه - صلى الله عليه وسلم - وبين ابن عمرو، وأنه عليه الصلاة والسلام لم يتنزَّل معه إلى الثلاث في مجلس واحد؛ بل في مجالس. وإلى ذلك جنح الحافظ في «الفتح».
ويحتمل أن القصة واحدة، وأن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظه الآخر، ولكن
يمنع القولَ بهذا ما ثبت في رواية: أنه منعه من القراءة في أقل من خمس، وفي أخرى في أقل من سبع؛ فلا مناص من القول بتعددها، وإلا؛ لزم ردُّ بعض الروايات الصحيحة، أو ضرب بعضها ببعض! وهذا لا يجوز ما أمكن الجمع بينها.
قال الحافظ: «فلا مانع أن يتعدد قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو ذلك؛ تأكيداً، ويؤيده الاختلاف الواقع في السياق، وكأن النهي عن الزيادة ليس على التحريم، كما أن الأمر في جميع ذلك ليس للوجوب، وعُرف ذلك من قرائن الحال التي أرشد إليها السياق؛ وهو النظر إلى عَجْزِه عن سوى ذلك في الحال أو في المآل، وأغرب بعض الظاهرية فقال: يحرم أن يقرأ القرآن في أَقل من ثلاث.