وقال الحافظ «٢/ ٤٦٠»: وقد أخذ بمضمون هذه الأحاديث فقهاء الأمصار، إلا أن أحمد وأبا ثور كانا يستحبان أن يستقبل القبلة بالتكبير حال ابتداء الصلاة، والحجة لذلك حديث الجارود ابن أبي سبرة عن أنس:«أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يتطوع في السفر؛ استقبل بناقته القبلة ... » الحديث. وهو مذكور في الأصل.
قال: واختلفوا في الصلاة على الدواب في السفر الذي لا تقصر فيه الصلاة؛ فذهب الجمهور إلى جواز ذلك في كل سفر، غير مالك؛ فخصه بالسفر الذي تقصر فيه الصلاة.
قال الطبري: لا أعلم أحداً وافقه على ذلك.
قلت: ولم يُتَّفق على ذلك عنه، وحجته أن هذه الأحاديث إنما وردت في أسفاره - صلى الله عليه وسلم - ولم ينقل عنه أنه سافر سفراً قصيراً فصنع ذلك.
وحجة الجمهور مطلق الأخبار في ذلك. واحتج الطبري للجمهور من طريق النظر.
فانظر كلامه في «الفتح».
قلت: وفي قول ابن عمر: وكان يوتر عليها. دليل على أنه يجوز الوتر أيضاً على الراحلة.
وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد والجمهور - كما في «شرح مسلم» للنووي - وذهب أئمتنا الثلاثة إلى أنه لا يجوز ذلك.
وأجاب الطحاوي «١/ ٢٤٩» عن الأحاديث الواردة في الإيتار على الراحلة - وقد ساقها من طرف عن ابن عمر - بأنها منسوخة.
قال:«وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله».
واحتج على ذلك بما رواه من طريق يزيد بن سنان قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا حنظلة بن أبي سفيان عن نافع عن ابن عمر: أنه كان يصلي على راحلته، ويوتر بالأرض، ويزعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك.