ولكن الأمل في سحق المسلمين عن طريق الالتحام بهم في معركة فاصلة أخذ يعود إلى نفوس قادة الأحزاب، بعد أن تبلغوا من يهود بنى قريظة (رسميًا) انحيازهم إليهم واستعدادهم لضرب المسلمين من الخلف.
فأخذوا لذلك يضاعفون من تحفزاتهم ومحاولاتهم لاقتحام الخندق وعبوره نحو المسلمين، وضاعفوا من دورياتهم الاستفزازية على طول الخندق لإرهاب المسلمين وتحطيم معنوياتهم تمهيدًا للخطة الحاسمة التي يشنون فيها الهجوم العام المرتقب عليهم بالإشتراك مع يهود بنى قريظة.
ولذلك فقد اتفق قادة قريش (أبو سفيان بن حرب، وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وضرار بن الخطاب الفهرى وعكرمة بن أبي جهل وهيبرة بن أبي هبيرة، ونوفل بن عبد الله) اتفقوا على أن يقودوا عملية مناوشة المسلمين وإزعاجهم بأنفسهم.
فقد اتفق هؤلاء القادة على أن يكون لكل واحد منهم يوم، يقود فيه عمليات الاستفزاز والمناوشات على طول مشارف الخندق، فصار رجال كل قائد من هؤلاء القادة يقوم بهذه العمليات لمدة يوم وليلة دونما انقطاع. (١)
(١) قال ابن سعد في طبقاته الكبرى .. وكان عباد بن بشر على حرس قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع غيره من الأنصار يحرسونه كل ليلة، فكان المشركون يتناوبون بينهم، فيغدوا أبو سفيان بن حرب في أصحابه يومًا ويغدو خالد بن الوليد يومًا، ويغدو عمرو بن العاص يومًا ويغدو هيبرة بن أبي وهب يومًا ويغدو ضرار بن الخطاب الفهرى يومًا، فلا يزالون يجيلون خيلهم ويتفرقون مرة ويجتمعون أخرى ويناوشون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقدمون رماتهم فيرمون.