للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى السماء واستشهد عليهم ثلاث مرات وأمرهم أن يبلغ شاهدهم غائبهم (١).

وفي حجته هذه - صلى الله عليه وسلم - أدخل على الحج إصلاحات كبرى لأن المشركين كانوا على مدى القرون أدخلوا على مناسك الحج مفاسد كبرى بالزيادة فيه أو النقصان.

ومن الإِصلاحات الكبرى الوقوف بعرفة، فقد كانت قريش دون سائر الناس لا يقفون بعرفة تكبرًا وإنما يقفون (فقط) بمزدلفة ويقولون: نحن أهل الحل، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - حميع الناس أن يقفوا بعرفة حتى إنه زيادة في تعظيم هذا المشعر قال: الحج عرفة.

كذلك من الإصلاحات التي أدخلها النبي - صلى الله عليه وسلم - على الحج حتى عاد كما كان عليه في عهد أبينا إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - إقامة الخلل الخطير الذي أدخله المشركون في التلبية، فقد كانوا في حجهم يقولون: (لبيك اللهم لبيك: لبيك لا شريك لك إلا شريكًا تملكه وما ملك) فانتزع الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذه الجملة الشركية الدخيلة على تلبية أبينا إبراهيم وهي (إلا شريكًا تملكه وما ملك) فصارت التلبية الشرعية هكذا (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة والملك لك لا شريك لك).

كذلك من الإصلاحات الهامة التي أعلنها الرسول - صلى الله عليه وسلم - في خطبته التاريخية، إلغاء التلاعب الزمنى الذي كان يباشره المشركون حيث كانوا يستحلون بعض الأشهر الحرم ويستبدلونها بغيرها من غير الأشهر الحرم فيحرّمونها بدلًا منها وذلك بسبب الحرب المستمرة بينهم، ونتيجة هذا التلاعب الذي سماه الله تعالى نسيئًا: ({إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} (٢) ظل حساب أشهر السنة مضطربًا شهر يقدم ليحل محل آخر. حتى إن الحج كثيرًا ما يأتي في غير ذي الحجة. فمثلًا مرة حج المشركون في شهر ذي القعدة، فأبطل النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا التلاعب في خطبته التاريخية هذه فقال: ألا


(١) زاد المعاد ج ١ ص ٤٦١.
(٢) التوبة آية ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>