للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غضب الله تعالى، فتاب الله عليهم بعد أن كادوا أن يهلكوا، تاب عليهم لأنهم اعترفوا بذنوبهم، فأقروا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنهم لم يكن لهم أي عذر حين تخلفوا عن المفروض على كل قادر من المسلمين، فأرجأ الرسول - صلى الله عليه وسلم - البت في أمرهم منتظرًا أمر الله تعالى فيهم، فأمر المسلمين بمقاطعتهم، وأمرهم كذلك بأن يعتزلوا نساءهم حتى نزل القرآن بتوبتهم.

إن قصة توبة هؤلاء الصحب الكرام الثلاثة شيقة وشاقة وصعبة، فقد نالهم نتيجة صدقهم الكامل الشيء العظيم من الآلام النفسية المبرحة والتعرض للفتنة القاسية، ولكن إيمانهم الصادق صمد لكل ذلك، رغم ما سبب لهم هذا الصدق من محن شديدة وآلام نفسية كادت أن تأتى على نفوسهم فيموتوا كمدا.

فقد شاء الله أن لا يتذوقوا حلاوة الصدق وبهجة نتائجه إلا بعد أن تجرعوا كؤوس مرارة الصبر عليه، وفي ذلك عبر ومواعظ ودروس للمؤمنين، فالمؤمن "إذا أخطأ" فلا يتهرب ولا يتبرم من الاعتراف "صادقًا" بالخطأ، حتى وإن كانت نتائج هذا الصدق قاسية. ففي الغالب "وفي مجال الخطأ" تكون نتائج التزام الصدق - دونما لف أو دوران متاعب كبيرة في هذه الدنيا، ولكن يقابلها في النهاية سعادة أخرى، لأن الآلام الناتجة عن التزام الصدق آلام عابرة رغم شدتها، ولكن لذائذ الصدق في النهاية لذائذ لا تنتهي. ففي الدنيا يشعر الصادق - بعد تعرضه لموجات آلام الاعتراف بالخطأ - بسعادة نفسية لا تعادلها سعادة، والسعادة الكبرى والأكبر هي سعادته الأبدية في الآخرة جزاء التزامه الصدق.

ولما كان في قصة هؤلاء الصحب الكرام الثلاثة الذين تخلفوا "دونما مبرر" عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك لما في هذه القصة من دروس عالية في الصدق ومحاسبة النفس على خطئها وفي الثبات على الإِيمان والاستجابة لنداء الضمير بعد استيقاظه "إن صح هذا التعبير" سنروى لكم قصة هؤلاء الثلاثة الذين أشار القرآن الكريم إلى تخلفهم وكيف تاب الله علم، وذلك ليدرك الإنسان "أي إنسانًا كيف أن الصدق" وخاصة من الإنسان ضد نفسه إذا أخطأ" هو الذي ينجى صاحبه كل النجاة، وكيف أن الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>