للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعظم خطرًا من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي أن أكلمك (١)).

استمر عبد ياليل وأعضاء وفده في تحركهم من الطائف نحو المدينة دون أن يعلم بهم أحد من المسلمين حتى وصلوا ضواحي المدينة وفي وادي قناة (٢) على وجه التحديد، فكان أول من تعرَّف عليهم (وأدرك أنهم جاءوا ليعلنوا إسلام ثقيف) أحد أبناء الأحلاف من ثقيف، وهو المغيرة بن شعبة الذي كان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - السابقين في الإسلام.

فقد عرف المغيرة رجال الوفد وأثبتهم واحدًا واحدًا لأنهم كلهم أبناء بلده، وقد عايشهم أكثر عمره بالطائف، وعندما عرفهم المغيرة وعلم أنهم جاءوا لإعلان إسلام ثقيف، ترك الوادي (الذي كان فيه يرعى إبلًا للرسول - صلى الله عليه وسلم -) وصار يعدو على رجليه بأقصى سرعة ليبشر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقدوم هذا الوفد، لأن المسلمين (وعلى رأسهم النبي - صلى الله عليه وسلم -) يدركون أن إسلام ثقيف له ما بعده، مما يعود على الإِسلام والمسلمين بأعظم المكاسب، إذ يعني ذلك تنظيف آخر جيب من جيوب المقاومة الوثنية الخطيرة التي تشغل بال المسلمين، حيث لم تبق قوة وثنية مسلحة تحتاج إلى تجريد الجيوش، سوى ثقيف ذات العدد والعدة، والتاريخ الحربى يثبت هذه الحقيقة، فقد رأينا في أواخر السنة الثامنة الهجرية كيف ضرب إثنا عشر ألفًا من المسلمين بقيادة النبي - صلى الله عليه وسلم - الحصار على حصون ثقيف فعجزت كل هذه القوات الكثيفة القوية عن فتح بلادهم.

لقد دلت تصرفات كبار الصحابة، حين علموا بقدوم وفد ثقيف ليعلن الإسلام، دلت على أن إسلام ثقيف حدث هام عظيم بدليل أنهم كانوا يتبارون في أيهم الأول يبشر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقدوم وفد ثقيف.

فقد ذكر أصحاب المغازي والسير أن وفد ثقيف لما دنا من المدينة ونزل وادي قناة لقوا بها المغيرة بن شعبة يرعى في نوبته ركاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت


(١) سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٦١.
(٢) وادي قناة .. وادي مشهور يمر شمال المدينة بسفوح جبل أحد من الشرق إلى الغرب، وفيه دارت معركة أحد الشهيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>