ما ستتعرض له ثقيف من أخطار جسيمة قد يكون فيها هلاكها، إذا لم تسارع إلى إعلان إسلامها أسوة بالقبائل المحيطة بها، والتي أصبحت ثقيف (لبقائها على الشرك) بين هذه القبائل في عزلة تامة، تغير عليها هذه القبائل وتحاربها أينما وجدتها بمن في هذه القبائل سيد هوازن وملكها السابق مالك بن عوف النصرى قائد حشد الشرك في حنين ضد المسلمين. والذي أسلم قبل انصراف الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة.
كان عمرو بن أمية هذا مغاضبًا ومهاجرًا لعبد ياليل (١) سيد ثقيف الثاني، ولكنّ عمرو تناسى ما بينه وما بين عبد ياليل، وبعث إليه يطلب الاجتماع به، بغية بحث الوضع الشاذ الذي صارت إليه ثقيف بعد أن انتشر الإِسلام وغمر القبائل المحيطة بثقيف.
وقد أجاب عبد ياليل عمرو بن أمية فاجتمعا، فشرح لعبد ياليل خطورة الوضع الذي آلت إليه ثقيف، وأن الحل الوحيد للمخرج من هذا المأزق الذي فيه ثقيف هو أن تدخل ثقيف في الإِسلام، فوافقه عبد ياليل على هذا الاقتراح، فدعيا إلى اجتماع عام حضره وجوه ثقيف وأعيانها بالطائف، وقد وقف فيهم عمرو بن أمية خطيبًا شارحًا لهم خطورة الوضع الذي عليه ثقيف، فوافقوه على الرأي القائل بأن لا مخرج لثقيف إلا بأن تبعث بوفد منها إلى المدينة ليعلن إسلامها بين يدي الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
فقد جاء في أمهات التاريخ أن عمرو بن أمية أخو بني علاج، كان مهاجرًا لعبد ياليل بن عمرو، لشئ بينهما، وكان عمرو من أدهى العرب، فمشى إلى عبد ياليل بن عمرو حتى دخل داره، ثم أرسل إليه أن عمرو بن أمية يقول: أخرج إليَّ. قالوا: فقال عبد ياليل للرسول: ويلك، أعمرو أرسلك إليّ؟ قال: نعم وها هو ذا واقف في دارك، وكان عبد ياليل يحب صُلحه،
(١) هو عبد ياليل بن عمرو بن عمير الثقفى، كان سيدًا من سادات بني مالك من ثقيف، كان رئيس الوفد الذي ذهب إلى المدينة بإسلام ثقيف، قال في أسد الغابة: أرادت ثقيف أن ترسله وحده إلى المدينة فامتنع وخاف أن يفعلوا به ما فعلوا بعروة بن مسعود فأرسلوا معه الخمسة، وهم عثمان بن أبي العاص، وأوس بن عوف، ونمير بن خرشة، والحكم بن عمرو، وشرحبيل بن غيلان بن سلمة فأسلموا كلهم وحسن إسلامهم وانصرفوا إلى قومهم فأسلموا كلهم.