فحزمت أم حكيم أمرها وسافرت في اتجاه جدة لتبلغ زوجها أمان الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي أعطاه له ولتطلب منه أن يعود إلى مكة.
وكانت قد اصطحبت معها غلامًا لها مملوكًا إلى جدة، فاستغل الوضع المضطرب التي هي عليه، فراودها عن نفسها أثناء الطريق، فجعلت تمنيه "وكانت امرأة عفيفة فاضلة عاقلة" حتى قدمت على حي من العرب هم بنو عك. فطلب منهم اعتقال الغلام - بعد أن أخبرتهم خبر صنيعه القبيح - فأوثقوه كتافًا، وأبقوه لديهم حسب طلبها. ثم واصلت سفرها حتى وصلت ميناء جدة.
وكان عكرمة قد ركب السفينة، وعندما ركبها قال له ربانها "وكان مسلمًا" أخلص. فقال: أي شيء أقول؟ قال: قل: لا إله إلا الله. قال عكرمة "متعجبًا" ما هربت إلا من هذا.
وبينما هو، هكذا يحاور ربان السفينة، إذ بامرأته الوفية العفيفة أم حكيم بنت الحارث بن هشام واقفة على رصيف الميناء، وتناديه في "إلحاح" .. يابر عم، جئتك من عند أوصل الناس وأبر الناس وخير الناس، لا تهلك نفسك. فوقف لها، واستوضحها: ما الخبر؟
فقالت: إني استأمنت لك محمدًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: أنت فعلت ذلك؟ قالت نعم، فلم يتردد في تصديقها، فغادر السفينة إلى البر ورجع معها.
وفي أثناء العودة إلى مكة سألها عن غلامها الرومى .. فأخبرته خبر محاولته الدنيئة، فلما وصل حيث الغلام مكتوفًا قتله في الحال، وذلك قبل أن يسلم.
فلما دنا عكرمة من مكة، بشر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بإسلام عكرمة، فقال: يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا مهاجرًا. ثم نهى عن سب أبيه أبي جهل قائلًا: لا تسبوا أباه فإن سب الميت يؤذى الحي ولا يبلغ الميت.
قالوا وجعل عكرمة "قبل أن يسلم" يطلب امرأته للفراش. فتأبى عليه