للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أنه بعث له عينًا - رجل استخبارات - إلى مكة ليوافيه أثناء الطريق بمدى تأْثير خروجه بين القرشيين، ورد الفعل بينهم ليتخذ لكل أَمر عدته ويرسم لكل شيء خطته.

وفعلًا لم يكد يصل بأَصحابه منطقة أشطاط بعسفان قرب مكة حتى عرف - عن طريق استخباراته - كل ما يجب أن يعرف عن أهل مكة الذين هو معهم في حالة حرب منذ معركة بدر الكبرى.

وقد استفاد - صلى الله عليه وسلم - من المعلومات الهامة التي تلقاها من رجل استخباراته، فاستطاع (كما تقدم) تجنب الاصطدام المسلح مع طلائع فرسان قريش بقيادة خالد بن الوليد في كراع الغميم بعد أن غيَّر وجهته ناحية اليمين، وبهذا تفادى إِشعال نار حرب لم يكن راغبًا في إشعالها.

٢ - ضبط النفس ساعة الاستفزاز:

والدرس الثاني الذي ألقاه النبي - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه عمليًّا فوعوه، والذي يجب أن يعيه كل من هو في مركز المسؤولية ومرتبة القيادة والريادة، هو خلق ضبط النفس والسيطرة على الأعصاب والصبر - والتحمل عند تحدي الجهلاء واستفزاز السفهاء هذا الخلق الذي تحلى به النبي القائد والتزمه في أشد الساعات حرجًا وتجنِّيًا على المسلمين، مع أَنه كان قادرًا على أَن يكيل الصاع صاعين للمستفزين المتهّورين؛ ولكنه لم يفعل لأَن ذلك لم يكن ضروريًّا.

لقد خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة (خروجه ذاك) وهدفه الأول

<<  <  ج: ص:  >  >>