من يبلغهم رسميًّا, أَنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأْت للحرب، وإنما جاءَ مسالمًا, لا هدف له من مجيئه سوى أَداءِ مناسك العمرة ثم الانصراف بعد ذلك إلى المدينة، وطلب من مبعوثه الخاص (خِراش بن أُميَّة الكعبي (١) في رسالة شفوية حمَّله إياها إلى قريش) أن يبلغهم ذلك، ويحاول إِقناعهم بأَن يتركوا التصلب، فلا يتسببوا في إثارة حرب مدمرة لا ضرورة لها، وذلك بأَن يخلوا بينه وأَصحابه وبين مكة ليقضوا مناسكهم ثم يعودوا إلى المدينة.
وكان مبعوث النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قريش رجلًا من خزاعة (جارة قريش والتي ليست على خلاف معها بل كانت أَقرب ما تكون إلى الحياد).
وقد ذهب خراش بن أُمية - الذي يمكن تسميته بمبعوث السلام - ذهب إلى قريش حيث تعسكر بقضها وقضيضها وحلفائها ونسائها - وأطفالها في وادي بَلدح .. ذهب ليبلغها عرض الرسول - صلى الله عليه وسلم - المتضمن دعوتها إلى التخلي عن فكرة الحرب والجنوح إلى السلم، ولكن مبعوث السلام لم يكد يصل إلى معسكر قريش ليبلغ أَشرافها رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم -، حتى حال بينه وبين ذاك المتهوِّرون منهم، فهاجموه وعقروا الجمل الذي كان يركبه وحاولوا قتله، لولا أَن حماه عقلاؤهم من ذلك، وكان الذي حاول قتله عكرِمة بن أَبي جهل.
(١) هو خراش بن أمية بن ربيعة بن الفضل الخزاعي، كان حليف بني مخزوم، قال ابن عبد البر: حضر خراش خيبر والحديبية وما بعدهما، بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة فأدته قريش وعقرت جمله، وأرادوا قتله، فمنعته الأحابيش، وذكر ابن الكلبي أنه كان حجامًا، حلق خراش رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند المروة في عمرة القضية، قاله في الإصابة.