أظهر بكثيرٍ من ادعاء هذين المقامين، ولما لم يدعوا التواتر في تلك الأخبار، فلأن لا يجوز ادعاؤه في هذين المقامين كان أولى.
سلمنا هما، لكن لا نسلم أن عادتهم جارية بأنهم لا يجمعون على موجب خبر؛ لأجل ذلك الخبر، إلا وقد قطعوا بصحته؛ ألا ترى أن الصحابة أجمعوا على حكم المجوس؛ بخبر عبد الرحمن، وأجمعوا على أن المرأة لا تنكح على عمتها، ولا خالتها؛ بخبر واحد؟!. وبالجملة: فهم مطالبون بالدلالة على هذه العادة التي ادعوها.
فثبت بما ذكرنا ضعف هذه الوجوه، وثبت أن الصحيح هو الطريق الثالث؛ وهو أن نجعلها من أخبار الآحاد؛ وعلى هذا لا نحتاج إلى تكثيرها، بل كل واحد منها يكفي في الاستدلال.
المقام الثاني: في كيفية الاستدلال: التمسك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تجتمع أمتي على خطأ) فإن قيل: إن كان المراد بقوله: (أمتي) - كل من يؤمن به إلى يوم القيامة، خرج الإجماع عن كونه حجةً.
وإن كان المراد به الموجودين وقت نزول ذلك الخبر، دل ذلك على أن إجماعهم حجة؛ لكنا إنما نعرف إجماعهم، إذا عرفناهم بأعيانهم، وعرفنا بقاءهم إلى ما بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وذلك غير معلومٍ؛ فحينئذٍ يخرج الإجماع عن كونه حجةً.
سلمنا أن المراد بالأمة أهل كل عصر؛ لكن لم قلت: إن هذه اللفظة تدل على نفي الخطأ عنهم؟ لاحتمال أن قوله:(لا تجتمع أمتي على خطأٍ) جاء بسكون