للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: الجواب عن الأول: أن النقل عن المؤمنين؛ أنهم جعلوها من باب التواتر، ثبت بالتواتر، أو بالآحاد؟

الأول: يقتضي كونها متواترةً عندنا؛ لأنه متى كان الخبر متواترًا، وصح عندكم بالتواتر كونها متواترة عندهم، لزم كونها متواترةً عندكم؛ لكنكم في هذا المقام سلمتم أنها ليست كذلك.

والثاني: يقتضي أن تكون هذه الأخبار من الآحاد؛ لأن كونها متواترة عن الصحابة والتابعين، لما لم يثبت عندنا إلا بالآحاد، كانت عندنا من باب الآحاد؛ لأن استواء الطرفين والواسطة معتبر في التواتر.

وعن الثاني: أن نقول: ليس كل من لا يعلم صحته وجب أن يعلم فساده؛ فالصحابة والتابعون ما عرفوا صحة هذه الأخبار، ولا فسادها، بل ظنوا صحتها؛ فلا يجب عليهم في هذه الحالة أن يطعنوا فيها على سبيل التفصيل.

وأما الوجه الثاني في الاستدلال وهو قوله: (الصحابة والتابعون أجمعوا على صحة الإجماع، وإنما أجمعوا على صحته لهذه الأخبار، وعادة أمتنا أنهم لا يجمعون على موجب خبرٍ؛ لأجل ذلك الخبر إلا وكان الخبر مقطوعًا به):

قلنا: المقدمات الثلاثة ممنوعة؛ فلا نسلم إجماع الصحابة والتابعين على صحة الإجماع.

سلمناه، لكن لا نسلم أنهم إنما ذهبوا إلى ذلك لأجل هذه الأخبار، بل إنما قالوا به لأجل الآيات.

فإن ادعوا التواتر في هذين المقامين، كان ذلك مكابرةً؛ فإن تلك الأخبار

<<  <  ج: ص:  >  >>