وفي جميعها خطاب الشرع دل عليها؛ فكانت الإباحة من الشرع بهذا التأويل، والله أعلم.
المسألة الخامسة
ما يجوز تركه لا يكون واجبا
قال القرافي: قوله: " لا يلزم أن يكون الذي يترك به الحرام واجبا إذا كان ذلك الترك يحصل بآخر ".
تقريره: أن عدم الحرام يصدق مع الواجب، والمندوب، والمكروه، والمباح، وما لا حكم فيه البتة كفعل الساهي، والبهيمة وغيرهما، والأعم لا يستلزم الأخص، ووجوب الأعم لا يوجب الأخص، كما أن إيجاب رقبة لا يوجب عتق الرقبة البيضاء والطويلة.
وفائدة أخرى: أن الشيء إذا كان واجباً، وله وسائل متعددة لا يجب أحدها عينا، كما إذا كان للجامع يوم الجمعة طريقان مستويان لا يجب سلوك أحدهما عينا، فكذلك هذه الأمور كلها طرق لترك الحرام ووسائل إليه، فلا يجب أحدها عينا وهو المباح، ولو صح ما قالوه لكان المندوب حراما؛ لأنه ترك الواجب، والمكروه أيضاً كذلك، بل الواجب حرام؛ لأنه يستلزم ترك واجب آخر، وعلى هذا السؤال تحفظ الحقائق.