واحد من هذه الألفاظ يدل على أن الإجماع حجة، دلالة قاطعةً؛ إذ لو وجد فيها ما يدل على المطلوب، لا على هذا الوجه، لم يحصل الغرض؛ لأن الذي ثبت عندكم ليس إلا صحة أحد هذه الأخبار، فيحتمل أن يكون الصحيح هو ذلك الخبر الذي لا يدل دلالةً قاطعةً على حقية الإجماع؛ لكنا نرى المستدلين بهذه الأخبار، بعد فراغهم من تصحيح المتن، يتمسكون بواحد منها على التعيين؛ كقوله عليه الصلاة والسلام:(لا تجتمع أمتي على خطأ) ويبالغون فيه سؤالا وجوابًا، ومعلوم أنه باطل.
وأما إن أردتم الثاني: فنقول: ذلك المعنى المشترك بين الأخبار: إما أن يكون هو أن الإجماع حجة، أو معنى يلزم منه كون الإجماع حجةً:
فإن كان الأول: فقد ادعيتم أنه نقل نقلا متواترًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الإجماع حجة، ومعلوم أن ذلك باطل؛ وإلا لكان العلم بكون الإجماع حجةً جاريًا مجرى العلم بغزوة بدرٍ وأحدٍ، ولما وقع الخلاف فيه.
وأيضًا: فإنا نراكم، بعد الفراغ من تصحيح متن هذه الأخبار، تتمسكون بلفظ خبر واحد، وتوردون عليه الأسئلة والأجوبة، ولو كان ذلك منقولا؛ على سبيل التواتر، لكان ذلك الاستدلال عبثًا.
وبهذا: يظهر الفرق بين علمنا بشجاعة على، وسخاوة حاتم؛ بسبب الأخبار المتفرقة، وبين هذه المسألة، فإنا بعد سماع تلك الأخبار المتفرقة، لا نحتاج إلى الاستدلال ببعض تلك الأخبار على شجاعة على؛ بل يحصل العلم الضروري بذلك.
أما هاهنا: فقد سلمتم أن بعد سماع هذه الأخبار، نفتقر إلى الاستدلال