للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يجمعون على موجب خبرٍ؛ لأجل ذلك الخبر، إلا ويكونون قاطعين بصحة ذلك الخبر؛ فهذا يدل على قطعهم بصحة هذا الخبر.

الطريق الثالث: أنا نسلم أن هذه الأخبار من باب الآحاد، وندعى الظن بصحتها، وذلك مما لا يمكن النزاع فيه، ثم نقول: إنها تدل على أن الإجماع حجة؛ فيحصل حينئذٍ ظن أن الإجماع حجة.

وإذا كان كذلك، وجب العمل به؛ لأن دفع الضرر المظنون واجب، وهذا الطريق أجود الطرق.

فنقول: أما الطريق الأول، وهو ادعاء التواتر فبعيد؛ فإنا لا نسلم بلوغ مجموع هذه الأخبار إلى حد التواتر؛ لأن العشرين، بل الألف لا يكون متواترًا؛ لأنه ليس يستبعد في العرف إقدام عشرين إنسانًا على الكذب في واقعةٍ معينة بعباراتٍ مختلفةٍ، وبالجملة فهم مطالبون بإقامة الدلالة على أن مجموع هذه الروايات يستحيل صدوره عن الكذب.

سلمنا حصول القطع بهذه الأخبار في الجملة؛ لكنكم: إما أن تدعوا القطع بلفظها، أو بمعناها: أما القط بلفظها: فهو أن يقال: إنا، وإن جوزنا في كل واحدٍ من هذه الأحاديث أن يكون كذبًا، إلا أنا نقطع بأن مجموعها يستحيل أن يكون كذبًا، بل لابد أن يكون بعضها صحيحًا.

وأما القطع بمعناها: فهو أن يقال: إن هذه الألفاظ على اختلافها مشتركة في إفادة معنى واحدٍ، فذلك المشترك يصير مرويا بكل هذه الألفاظ؛ فيصير ذلك المشترك منقولا بالتواتر.

فنقول: إن أردتم الأول: فهو مسلم؛ لكن المقصود لا يتم إلا إذا بينتم أن كل

<<  <  ج: ص:  >  >>