كان جعله حقيقة في الوجوب، ليكون مجازا في أصل الترجيح أولى من جعله حقيقة في أصل الترجيح، مع أنه لا يكون حقيقة في الوجوب، ولا مجاز فيه.
والثاني: وهو أن يجعل حقيقة في الوجوب والندب، لا بحسب معنى مشترك بينهما، فهذا يقتضي كون اللفظ مشتركا، وقد عرفت أن ذلك خلاف الأصل.
وإنما قلنا: إنها لا يجوز أن يقال: إنه لا يتناول الواجب ولا المنوب أصلا، لأن ذلك على خلاف الإجماع.
ولما ثبت فساد هذه الأقسام الثلاثة، تعين القول بالوجوب والله أعلم.
الدليل الحادي عشر: أن العبد إذا لم يفعل ما أمره به سيده، اقتصر العقلاء من أهل اللغة في تعليل حسن ذمه على أن يقولوا:(أمر سيده، بكذا فلم، فلم يفعله) فدل كون ذلك علة في حسن ذمه على أن تركه لما أمره به ترك للواجب.
فإن قيل: لا نسلم أنهم إنما ذموه لمجرد الترك بل لأجل أمور أخر:
أحدها: أنهم علموا من سيده أنه كره ترك ذلك الفعل.
وثانيها: أن الشريعة جاءت بوجوب طاعة العبد لسيده
وثالثها: أن السيد لا يأمر إلا بما فيه نفعه ودفع مضرته، والعبد أيضا يلزمه ايصال المنافع إلى السيد، ودفع المضار عنه.
سلّمنا أنهم ذموه، لمجرد الترك، لكن لا نسلم أن فعلهم صواب، ويدل عليه أمران: