للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنه لو كان المأمور به معصية، لما استحق العبد الذم بتركه، فدل على زن مجرد الترك ليس بعلة للذم.

وثانيهما: أن كثيرا من الأوامر ورد في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بمعنى الندب، فلو كان ترك المأمور به علة للذم، لكان المندوب واجبا وهو محال.

فثبت بهذين الوجهين: أن مجرد ترك المأمور به، لا يمكن جعله علة للذم، وإذا ثبت ذلك، علمنا ما ذكرتموه، من أن العقلاء يعللون حسن ذمه بمجرد ترك المأمور

والجواب: أن السيد إذا عاتب عبده عدم الامتثال، فالعقلاء يقولون: (إنما عاتبه، لأنه لم يمتثل الأمر) ولولا أن علة حسن العتاب نفس مخالفة الأمر، وإلا لما صح هذا الكلام، وبهذا يظهر أن كراهية الترك، لا مدخل لها في هذا الباب.

أما قوله: (الشريعة جاءت بوجوب طاعة العبد لسيده):

قلنا: الشريعة إنما أوجبت على العبد طاعة السيد فيما أوجبه السيد على العبد، ألا ترى أن سيده لو قال له: (الأولى أن تفعل كذا، ولك ألا تفعله) لما ألزمته الشريعة فعله؟

والأمر عند المخالف يجري مجرى هذا القول، فينبغي ألا يجب به على العبد شيء

وأما قوله (السيد لا يأمر عبده بما فيه جر نفع، أو دفع مضرة، وذلك واجب.

<<  <  ج: ص:  >  >>