للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: الله تعالى رتب اسم المعصية على مخالفة الأمر، فيكون المقتضي لاستحقاق هذا الاسم هذا المعنى فيعم الاسم لعموم ما يقتضي استحقاقه

قوله: (الآية مختصة بالكفار بقرينة الخلود)

قلنا: الخلود هو المكث الطويل لا الدائم، والله أعلم.

واعلم أن هذا الدليل قد يقرر علي وجه آخر، فيقال:

إنما قلنا: إن تارك المأمور به عاص، لأن بناء لفظة العصيان على الامتناع، ولذلك سميت العصا عصا، لأنه يمتنع بها، وتسمى الجماعة عصا، يقال: شققت عصا المسلمين، أي: جماعتهم، لأنها يمتنع بكثرتها، وهذا كلام مستعص على الحفظ، أي ممتنع وهذا الحطب مستعص على الكسر.

وقال عليه الصلاة والسلام: (لولا أنا نعصي الله، لما عصانا) أي: لم يمتنع عن إجابتنا.

فثبت أن العصيان عبارة عن الامتناع عما يقتضيه الشيء، وإذا كان لفظ (افعل) مقتضيا للفعل، كان عدم الإتيان به والامتناع منه عصيانا، لا محالة.

وإنما قلنا: إن تسمية تارك المأمور به بالعاصي، تدل على أن الأمر للوجوب، لوجهين:

أحدهما: أن الإنسان إنما يكون عاصيا للأمر وللآمر، إذا أقدم على ما يحظره الآمر، ويمنع منه، ألا ترى أن الله تعالى: لو أوجب علينا فعلا، فلم نفعله.

<<  <  ج: ص:  >  >>