سلمنا أن تارك المأمور به عاص مطلقا، فلم قلت: إن العاصي يستحق العقاب، والآية المذكورة مختصة بالكفار، لقرينة الخلود؟
والجواب: قد بينا أن تارك المأمور به عاص.
قوله:(لو كان كذلك) لكان قوله: (ويفعلون ما يؤمرون) تكرارا:
قلنا: لا نسلم، بل معنى الآية والله أعلم:(لا يعصون الله ما أمرهم) به في الماضي، (ويفعلون ما يؤمرون) به في المستقبل.
قوله:(الأمر قد يكون أمر استحباب):
قلنا: لا نسلم كون المستحب مأمورا به حقيقة بل مجازا، لأن الاستحباب لازم للوجوب، وإطلاق اسم السبب على المسبب جا ئز.
فإن قلت:: (ليس الحكم بكون هذه الصفة للوجوب، محافظة على عموم قوله: (ومن يعص الله ورسوله)[النساء:١٤] أولى من القول بأن المستحب مأمور به، محافظة على صيغ الأوامر الواردة في المندوبات (:
قلت: بل ما ذكرناه أولى للاحتياط، ولأنا لو حملناه على الوجوب، لكان أصل الترجيح داخلا فيه، فيكون لازما للمسمى، فيجوز جعله مجازا في أصل الترجيح.
أما لو جعلنا لأصل الترجيح، لم يكن الوجوب لا زماً، فلا يمكن جعله مجازا عن الوجوب، فكان الأول أولى.