قلنا: لا ندعي وجوب الحذر عن العقاب، ولكنه لا أقلّ من زن يدل على جواز الحذر، وجواز الحذر عن الشيء مشروط بوجود ما يقتضي وقوعه، لأنه لو لم يوجد المقتضي لوقوعه، لكان الحذر عنه حذرا عما لم يوجد، ولم يوجد المقتضي لوقوعه، وذلك سفه وعب، فلا يجوز ورود الأمر به.
قوله: دلت الآية على زن مخالف أمر الله يستحق العقاب، أو على أن مخالف كل زمر يستحق العقاب؟):
قلنا: دت على الثاني، لوجوه:
الأول أنه يجوز استثناء كل واحد من أنواع المخالفات، نحو أن يقول: فليحذر: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره إلا مخالفة الأمر الفلاني) والاستثناء يخرج من الكلام ما لو لاه لدخل فيه، وذلك يفيد العموم.
الثاني: أنه تعالى رتب استحقاق العقاب على مخالفة الأمر، وترتيب الحكم على الوصف مشعر بالعلية
الثالث: أنه لما ثبت أن مخالف الأمر في بعض الصور يستحق العقاب، فنقول: إنما استحق العقاب لأن مخالفة الأمر تقتضي عدم المبالاة بالأمر، وذلك بناسبه الزجر، وهذا المعنى قائم في كل المخالفات، فوجب ترتب العقاب على الكل.
قوله:(هب أن أمر الله، أوامر رسوله للوجب، فلم قلتم: إن أمر الآخر كذلك؟):