للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: أن النحويين اتفقوا على أن تعلق الفعل بفاعله أقوى من تعلقه بمفعوله، فلو جعلناه أمرًا للمخالف بالحذر، لكنا قد أسندنا الفعل إلى الفاعل، ولو جعلناه أمرا بالحذر عن المخالف لكنا قد أسندنا الفعل إلى المفعول، فيكون الأول أولى.

وثانيها: لو جعلناه أمرا بالحذر عن المخالف، لم يتعين المأمور به.

فإن قلت: المأمور به، ما تقدم، وهو قوله: (الذين يتسللون منكم لواذاً). [النور:٦٣]

قلت: المتسللون منهم لواذا هم الذين خالفوا، فلو أمروا بالحذر عن المخالف، لكانوا قد أمروا بالحذر عن أنفسهم، وهو لا يجوز.

وثالثها: أنّا لو جعلناه أمرًا بالحذر عن المخالف، لصار التقدير: (فليحذر المتسللون لواذا عن الذين يخالفون أمره) وحينئذ يبقى قوله: (أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) [النور:٦٣] ضائعًا، لأن الحذر ليس فعلا يتعدى إلى مفعولين.

قوله: الآية دالة على وجوب الحذر عمن خالف عن الأمر، لا عمن خالف الأمر:

قلنا: قال النحاة: كلمة (عن) للبعد والمجاورة، يقال: جلس عن يمينه، أي: متراخيا عن بدنه في المكان الذي بحيال يمينه، فلما كانت مخالفة أمر الله تعالى بعدا عن أمر الله تعالى، لا جرم ذكره بلفظ (عن).

قوله: (لم قلت: إن قوله تعالى: (فليحذر): يدل على وجوب الحذر عن العذاب؟).

<<  <  ج: ص:  >  >>