فتبيَّنَ أنَّه من الواضح أن اتباع القرآن كفيلٌ للمجتمع بجميع مصالحه الداخلية والخارجية.
وأمَّا المسألة الثَّامنة: التي هي تسليطُ اللهِ الكُفَّارَ على المسلمين؛ فقد استشكلها أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو موجودٌ بين أظهرهم - وأفتى اللهُ جَلَّ وعلا فيها بنفسه في كتابه العزيز فتوىً سماوية أزال بها ذلك الإشكال.
وذلك أنَّهُ لمَّا وقع بالمسلمين ما وقع بهم يوم أحد استشكلوا ذلك، فقالوا: كيف يدال منَّا المشركون، ويسلَّطون علينا، ونحن على الحقِّ وهم على الباطل، فأفتاهم الله في ذلك بقوله:{أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}[آل عمران: ١٦٥] , وقوله: قل من عند أنفسكم، أوضحه على التحقيق بقوله تعالى:{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ}[آل عمران: ١٥٢].
فبيَّنَ في هذه الفتوى السَّماوية أنَّ سبب تسليط الكفار عليهم