الشيخ: إي، لكن هذا ليس له الحق في هذا، نفس الذي أمسكه ليس له الحق؛ فإما أن يرفعه للولي، وإما أن يستر عليه ويدعه إذا كان يرى أن المصلحة في ذلك، أما أن يأخذ عِوَضًا عن هذا فلا يجوز، ثم فيه مَفْسَدة عظيمة؛ يكون كُلُّ واحد يُمْسَكُ على شيء يبذل عِوَضًا ويمشي.
طالب:( ... ).
الشيخ: إي نعم، وكذلك أيضًا لا يصح بعِوَضٍ عن حد قذف؛ حد القذف لِمَنْ؟ لله وللمخلوق، هو للمخلوق لكنه فيه شائبة حق لله عزَّ وجل، فلو قال المقذوف للقاذف: سأرفعك إلى ولي الأمر، فقال القاذف: لا ترفعني، أنا أعطيك عن حقك في القذف مئة ألف ولا ترفعني، فوافق، فهنا لا يجوز عن حد القذف؛ لأن حد القذف لله عز وجل، فإما أن ترفعه إلى ولي الأمر أو تتركه، لا سيما على القول بأنه لا يُشْتَرَط لإقامة حد القذف مطالبةُ المقذوف؛ لأن بعض أهل العلم يقول: لا يُشْتَرَط في إقامة الحد مطالبة المقذوف؛ لأنه حقٌّ لله، حماية لأعراض المسلمين، ولهذا جاءت الآية الكريمة:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا}[النور: ٤]، فهو كقوله:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[النور: ٢].
لكن على القول بأنه حقٌّ للمقذوف، وأن للمقذوف إسقاطه، قالوا: إنه لا يصح بعِوَض؛ لأن هذا الحق ليس ماليًّا، ولا يُقصَد به المال، فلا يصح بعِوَض.
ولكن هناك قولًا آخر؛ أنه يصح بالعِوَض؛ لأن الذي سوف تَسوَدُّ صحيفته به هو مَنْ؟ المقذوف، فبدلًا من هذا يقول: أعطني مئة ألف ريال، وأنا إن شاء الله سأدافع عن نفسي فيما يتعلق بالقذف.
وهذا القول له وجهة نظر؛ لأنه حقٌّ لآدمي في الواقع، ولهذا لا يقام حد القذف إلا بمطالبة مَنْ؟ المقذوف، أما إذا قلنا: إنه حق لله محض، وأنه لا تُشْتَرَط مطالبة المقذوف، فإنه لا يصح بعِوَض.