للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إن كذب أحدهما لم يصح في حقه باطنًا) أي: فيما بينه وبين الله، أما ظاهرًا فإنهما لو ترافعَا إلى القاضي -إلى المحكمة- حكم بالصلح، لكن باطنًا فيما بينه وبين الله الكاذب لا يصح الصلح في حقه، وعلى هذا فلا يصح أن يتصرف في العين التي أخذها وهو يعتقد أنها ليست له في الواقع، لكن ادَّعَاها كذبًا، وما أخذه منين؟ من العِوَض، سواء كان المدَّعِي أو المدَّعَى عليه، ما أخذه حرام لا يحل له؛ لأنه أخذه بغير حق.

مثال ذلك، آخر مثال مثَّلْنَا به، رجل ادَّعَى على أن قطعة هذه الأرض له، وهي أرض مشتركة، فأنكر مَن بيده الأرض، قال: أبدًا، إن هذه ليست لك، ثم اتفقَا على الصلح، فأعطى المدَّعَى عليه للمدَّعِي مئة درهم، عِوَضًا عن أيش؟ عن الأرض، إن كان المدَّعِي صادقًا والمنكِر المدَّعَى عليه كاذبًا فالأرض أيش؟ حرام على المدَّعَى عليه، كالأرض المغصوبة تمامًا، وإن كان بالعكس؛ المدَّعَى عليه هو الْمُحِقّ والمدَّعِي هو المبطِل فالعِوض الذي أخذه عن الأرض والدراهم تكون حرامًا عليه، وهذا واضح وماشٍ على القواعد الشرعية؛ لأن كلَّ من أخذ شيئًا بغير حق فهو حرام عليه.

ثم قال: (وَلَا يَصِحُّ بِعِوَضٍ).

يعني: (ولا يصح) أي: الصلح، (بِعِوَضٍ عَنْ حَدِّ سَرِقَةٍ)؛ لأن حد السرقة لِمَنْ؟ لله عزَّ وجل، فلا يمكن أن يأخذ المخلوق عِوَضًا عنه، وإذا بلغت الحدود السلطان فلا شفعة.

وعُلِم من قوله: (عن حدِّ سرقةٍ) أن الصلح يصح عن المال المسروق، فلو أن شخصًا سرق من آخر حُلِيًّا، فضاع الحلي، واعترف السارق به، ثم صالح عنه بعِوَض، فالصلح جائز لا بأس به، لكن لو صالح عن حد السرقة فإنه لا يصح.

لو أُمسِكَ السارق وقال للذي أَمْسَكَهُ: دعني وأعطيك عشرة آلاف ريال، لا ترفعني للولاة وأعطيك عشرة آلاف ريال، أيصح هذا أو لا؟

طلبة: يصح.

الشيخ: يا إخواننا! ما يصح. كيف يصح؟ أبدًا.

طالب: لم يبلغ الولي.

<<  <  ج: ص:  >  >>