للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم إن صاحب البقالة لما مَرَّ به المشتري قال: أعطني قيمة الخبز، فقال: أعطيته رجَّالًا جاري، قال: ما أعطاني شيئًا، أذهب إلى الجار أقول له أو أضمن الريال؟ لأنك لم تُشهِد عليه، صح؟ نعم، هذا مقتضى كلام المؤلف؛ لأنه ما أشهد، كان الواجب عليه أنه راح دوَّر اثنين يشهدون بأنه سلَّم هذا ريال قيمة كيس خبز، هكذا كلام المؤلف.

لكن ينبغي أن يُقَال: لكل مقام مقال، الشيء الخطِر؛ يعني الدراهم الكبيرة الكثيرة، هذه لا بد أن يُشهِد عليها، فإن لم يفعل فهو مفرِّط، أما الشيء اليسير الذي جرت العادة أنه لا يُشهَد عليه فإنه لا يُعَدّ مفرِّطًا، والرجل الْمَدِين قد ائتمنه ورضي بأمانته.

فالصحيح في هذا أنه لا يضمن؛ لأن هذا الوكيل يقول للذي وكَّله: أنت لو ذهبت تُوفِي هذا الريال .. أيش؟ ما أشهدت عليه، كيف تَعدُّني مفرِّطًا وأنت بنفسك تفعل ما أفعل؟ !

فالصواب في هذه المسألة أن فيها تفصيلًا، فالمال الخطِر يجب أن يُشهِد عليه؛ لأنه كثير اللي جرت العادة بأنه يُشهد عليه، والشيء اليسير لا يعد مفرِّطًا إذا لم يشهد؛ لأن العادة لم تَجْرِ به، وأنا أعتقد أنكم كُلّكم ترون أني لو أردت أن أوفي صاحب البقالة ريالًا ثمن كيس خبز وجيبت اثنين يشهدون، تعالوا اشهدوا أني سلَّمته ريالًا، أن هذا أيش؟ قَدْح ونَقْص عقل، تُشْهِد أنك أوفيته ريالًا ثمن كيس خبز؟ !

فهذا القول هو الصحيح؛ الصحيح أنه ليس على إطلاقه، وأن يقال: المال الخطِر الذي لا يُقْضَى مثله إلا ببيِّنة هذا لا بد من البيِّنة، وإذا لم يكن بينة فهو مفرِّط فيضمن، وأما ما جرت العادة بأنه يوفَى بلا إشهاد فإنه لا يعد مفرِّطًا.

الفاتورة، ما تقولون فيها؟ يعني لو أن صاحب الدكان أعطى الوكيل فاتورة بأنه استلم الثمن؟

طالب: بينة.

طالب آخر: قرينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>