مثال ذلك أو صورة المسألة: أذِن الراهن للعدل أن يبيع الرهن ويوفي صاحبه، فباعه ثم جاء إلى صاحبه في دكانه وقال: يا فلان، هذا ثمن الرهن الذي ارتهنتَه، قال: بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وما آمنَك من عدل! ثم أخذ الدراهم وأدخلها في الدُّرْج، وفي آخر النهار ذهب المرتهِن إلى الراهن وقال: أَوْفِني، فرجع الراهن إلى العدل وقال: ألستَ تقول: إنك أوفيته؟ قال: بلى. قال: الرجل يقول: أوفني، فذهبَا إلى المرتهِن فقال: لم يُوفنِي، والعدل ما عنده بينة، والراهن ما حضر، من يضمن؟ العدل؛ لأنه فرَّط، كيف فرَّط؟ فرَّط أنه لم يُشهِد، وكان عليه أن يُشْهِد حتى تبرأ ذمته ويؤدي الأمانة كما أُمِر.
نعم لو أن العدل استأذن من الراهن وقال: يا فلان، إنَّ المرتهِن رجل شريف كريم، وأبغي أجيب واحد أشهده على أني أوفيته، هذه تكون ما هي طيبة في حقه، قال: أوفِه وإن لم تُشهِد، وثبت أن الراهن قال هذا، فهل يضمن أو لا؟ لا، وكذلك لو كان بحضور الراهن الذي عليه الدَّيْن، يعني أوفاه، يَنظر، فلا ضمان على العدل؛ لأن المفرِّط هنا مَنْ؟ الراهن الذي عليه الحق، لماذا لم يطلب شهودًا يشهدون أنه أوفى؟
والخلاصة: أن العدل إذا أوفى المرتهن بدون بينة ولا حضور الراهن وأنكر المرتهِن فعليه الضمان.
قال:(كوكيل) يعني: كما لو فعل الوكيل في قضاء الدَّيْن وقال: إني أوفيتُ، وأنكر الدائن، ولم يكن هناك بينة، ولم يكن بحضور الموكِّل؛ فإنه يضمن، وهذه مسألة تقع كثيرًا، انتبهوا لها؛ واحد مثالًا راعي بَقَّالَة اشتريتُ منه كيس خبز، بكم ريال؟ بريال، ثم أتيت به إلى البيت، وإذا جاري ذهب يشتري خبزًا، فقلت: يا فلان، خذ هذا الريال قيمة الكيس أعطِه البقَّال، فأخذ الريال وأعطاه البقال، قال: هذا عن الرجل الذي أخذ منك كيس الخبز، ولم يكن هناك شهود، والموكِّل دخل بيته وأكل خبزه.