والصواب: أنه إذا طلب أحدهما عقدًا لا يضر بحق المرتهن فإن الواجب إجابته، فإذا قال الراهن: أنا أريد أن أُوجِرَ البيت وأنتفع بالأجرة، خمسون ألفًا تمثل قسطًا كبيرًا من الدَّيْن الذي عليَّ، وأبى المرتهن، فإنه يُجْبَر أن يرهن، لكن بشرط على وجه لا يضيع به حق مَنْ؟ حق المرتهن.
فإن كان يضيع به حق المرتهن، مثل أن يطلب الراهن تأجيره على مَن يدمر البيت، يكسر الأبواب، يكسر الزجاج، يَلْحَى البويه وما أشبه ذلك فللمرتهن أن يمتنع؛ لأن ذلك يضر به؛ إذ إن هذا المرهون عند بيعه سوف ينقص، فله أن يمتنع، أما إذا لم يكن هناك نقص فإن الممتنع منهما يُجْبَر؛ لأن في تركه وإهماله إضاعةً للمال وضررًا على الراهن.
يقول المؤلف:(بغير إذنِ الآخر)، وعُلِمَ منه أنه إذا أَذِن أحدهما للثاني أن يتصرف فهو جائز، فإذا قال المرتهن للراهن: أَجِّره مَن شئت، فأَجَّرَه، فلا حرج، ولكن ماذا تكون الأجرة؟ تكون تبعًا للرهن، تُحْفَظ في أي مكان يحفظ فيه الدراهم حتى يحِلّ الدَّيْن، وكذلك إذا أذن الراهن للمرتهن وقال: لا بأس أجِّره، فإنه يُؤَجِّره، وإذا قبض الأجرة أسقط قدرها من أيش؟ من دَيْنِه، وهذا هو المتعيِّن، أعني أنه إذا امتنع أحدهما أُجْبِر، ما لم يكن هناك ضرر على المرتهن.
***
قال:(إلا عتق الراهن فإنه يصح مع الإثم وتؤخَذ قيمتُه رهنًا مكانه).
يعني:(إلا عتق الراهن) فإنه ينفذ، ويعتق العبد المرهون، لكن مع الإثم، ويُضَمَّن الراهن قيمته، تكون رهنًا مكانه.
مثال ذلك: رجل استدان من شخص خمسين ألفًا، وأرهنه عبده، ثم إن الراهن أعتق العبد، يقول المؤلف: إعتاقه العبد حرام، لكن العتق ينفذ، أما كون إعتاقه حرامًا؛ فلأنه تصرُّفٌ يسقط به حق المرتهن فكان حرامًا، وأما كونه نافذًا فلقوة سريان العتق، نفذ مع التحريم.