تؤخذ القيمة من أين؟ من الراهن الذي أعتقه، تُؤْخَذ وتُجْعَل رهنًا، ولم يقل: يُؤْخَذ ثمنه؛ لأنه لم يبعه. وعلى هذا فيقوَّم هذا العبد، ثم تُجْعَل القيمة رهنًا مكانه، فإذا كان الراهن ليس عنده شيء، فماذا يصنع؟ يبطل حق المرتهن؛ لأنه ليس عنده شيء، ويبقى الدَّيْن الأصلي في ذِمَّتِه.
وعُلِمَ من قول المؤلف:(إلا عتق الراهن) أن عتق المرتهن لا يصح ولا ينفذ، والعلة: أنه لا يملكه، ليس مالكًا له، فالمرتهن لا ينفذ عتقه مطلقًا.
لو أنك رهنت الأخ هذا المسجِّل ثم بعته بدون رضاه، يصح البيع؟
طالب: هذا يصح.
الشيخ: لا، أنت أخذت دَيْنًا من الأخ وأرهنته هذا المسجل، هل يجوز أن تبيع هذا المسجل؟ لا، لا يجوز؛ لأنه قد تعلق به حق المرتهن، حق الغير، ولو رهنته عبدًا لك فأعتقت العبد ينفذ العتق أو لا ينفذ؟
الطالب: ينفذ.
الشيخ: نعم، هذه، يقول المؤلف: إنه ينفذ.
لو باع هذا العبد، الراهن لم يعتقه لكن باعه؟
طلبة: لا يصح.
الشيخ: يحرُم ولَا يصح.
وعرفتم لماذا نفذ العتق مع التحريم؛ أن العلة قوة سريان العتق، لكن هذا القول ضعيف جدًّا، والصواب أنه لا يصح عتقه؛ أن عتقه حرام ولا يصح.
أما كونه حرامًا فلأن في تنفيذه إسقاطًا لحق المرتَهِن، وأما كونه لا ينفذ؛ فلأنه أمر ليس عليه أمر الله ورسوله، هو حرام، فكيف نقول: حرام، ثم نقول: ينفذ؟ ! تناقض، مُحَادَّة لله ورسوله، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»(٢).
وأما قولهم: إن هذا من أجل قوة سريان العتق، فنقول: قوة سريان العتق ما لم يبطل به حق الغير، وإذا بطل فلا يجوز؛ لأنه يكون حينئذٍ محرَّمًا، والعتق عبادة، فإذا وقع على وجه محرَّم كان باطلًا.
فإن أَذِنَ المرتهن للراهن أن يعتقه؟
طالب: إذا أذن المرتهن للراهن أن يعتقه على كلام المؤلف يجوز.