للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن الضمير في قوله: (يشترطه) الهاء تعود على المال، فإذا اشترط المشتري المال فهو له؛ للحديث، وهو نصٌّ فيه: «إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ»، هو نص في ذلك، وحتى لو لم يرد النص على هذا فإن عموم قول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] يشمل هذا؛ لأن الوفاء بالعقود يشمل الوفاء بأصل العقد ووصف العقد، والشروط المشروطة في العقد أيش؟ أوصاف له، ولحديث: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» (٧).

إذا اشترطه المشتري فهو له، لكن هنا يُشْكِل؛ إذا قدَّرْنا أن هذا العبد عنده عشرة آلاف ريال نقدًا، واشتراه المشتري بمئة ألف، واشترط أن المال الذي معه تبعه، فهنا يَرِد علينا إشكال؛ وهو أن تكون هذه المسألة من مسألة (مُدّ عجوة)؛ لأن فيه دراهم بدراهم، ومع أحد العِوَضَيْنِ من غير الجنس، فهل تُصَحِّحُون هذا أو لا؟

يقول المؤلف: فيه تفصيل (فإن كان قصدُه المال اشتُرِطَ علمه وسائر شروط البيع وإلا فلا)، إذا كان المشتري الذي اشترط أن مال العبد له إذا كان قصده المال فلا بد من شروط البيع، كل شروط البيع الثمانية، ولا بد أن يكون خاليًا من الربا، وإلا فلا.

كيف نعلم أن قصده المال أو أن قصده العبد؟ نعلم ذلك بالقرائن، إذا كان هذا الرجل محتاجًا إلى خادم -أعني المشتري- ويبحث عن رقيق يملكه ويجعله خادمًا له، لكنه اشترط أن يكون ماله تبعًا له؛ لأنه لا يحب أن يصرف هذا العبد عن تصرُّفِه الذي كان عليه من قبل؛ لأن المال لو أخذه السيد الأول اللي هو البائع ربما ينصدم العبد، فهو اشترط أن يكون ماله تبعًا له من أجل راحة العبد.

لكن قصده الأول ما هو؟ العبد، هذا نقول: لا يُشْتَرَط علم المال، ولا يشترط ألَّا يكون بينه وبين عِوَضه ربا، ولا يشترط أي شيء من الشروط.

<<  <  ج: ص:  >  >>