أولًا: تبين أن الصواب أن شد الرحل لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم محرمة كما جرى تحقيقه من شيخ الإسلام وغيره من المحققين لما علمتم من النص: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ»، ولأن تجويز شد الرحال إلى القبور وسيلة للشرك؛ لأن غالب الناس رعاع، فيشد الرحل إلى من يدعي أنه ولي من أجل أن يدعوه أو يدعو الله عند قبره فيكون بذلك فتنة عظيمة.
المبحث الثاني: أن الأولى أن ينوي بشد الرحل زيارة المسجد النبوي، والمسجد النبوي لا يختص بمكان المسجد على عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بل يدخل فيه كل زيادة تُزاد في المسجد بدليل أن عثمان رضي الله عنه لما زاد في المسجد النبوي صار المسلمون يُصلُّون في الزيادة، الإمام والصفوف الأولى كلها في الزيادة، ولم يكونوا يَدَعون الزيادة ليصلوا في مكان المسجد الأول بل يصلون في الزيادة، وعلى هذا فيكون قول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«وَمَسْجِدِي هَذَا» الإشارة لتمام التعيين وليس لحصر المكان.
ولو سألنا سائل: هل الأولى أن أصلي المفروضة مع الإمام في الروضة أو في الصف الأول؟
لقلنا بالثاني، صلِّ في الصف الأول.
أيضًا من المباحث: إذا أراد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فكيف يقف؟ وماذا يقول؟
نقول: يقف أمام وجهه صلوات الله وسلامه عليه، وتكون القبلة خلفه، ويُسلِّم عليه بما علمه أمته عليه الصلاة والسلام، وهو: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ويُثنِّي بالصلاة عليه والبركة عليه، ثم يخطو خطوة عن يمينه ليكون مقابل وجه أبي بكر رضي الله عنه، فيُسلِّم عليه، السلام عليك يا خليفة رسول الله ورحمة الله وبركاته، اللهم ارضَ عنه، واجزه عن أمة محمد خيرًا. ثم يخطو عن يمينه خطوة ليقف أمام وجه عمر رضي الله عنه فيقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيرًا. وانتهى.