فماذا يصنع بعد ذلك؟ ينصرف يخرج مع الباب؛ ولهذا الصحيح أنه لا يُسن الوقوف للدعاء، ولو استقبل الإنسان القبلة واستدبر القبور الثلاثة فلينصرف كما كان ابن عمر رضي الله عنهما يفعل ذلك.
أيضًا هل وقوفنا في المكان الذي هو مكان الزيارة هل يُعدُّ زيارة حقيقة أو لا؟ حقق شيخ الإسلام رحمه الله أنه ليس زيارة حقيقة؛ لأن الزيارة الحقيقية أن يقف عند القبر أمامه والقبر مكشوف، وهنا لا يتمكن من هذا؛ لأن القبر داخل جدران ثلاثة؛ ولهذا خفف بعض أهل العلم في زيارة النساء للقبور الثلاثة وقالوا: إن ذلك ليس بزيارة حقيقية، تلقينا ذلك من شيخنا عبد الرحمن السعدي رحمه الله ورأيناه في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية صريحًا بأن هذا ليس الزيارة الشرعية؛ لأن بين الإنسان وبين القبور جدران ثلاثة لكنها عرفًا تسمى زيارة.
أيضًا من المباحث في زيارة المدينة: هل هناك شيء يُزار غير المسجد النبوي والقبور الثلاثة؟ نعم، البقيع، فقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يزور البقيع، ويدعو لهم بالدعاء المعروف، فيُسن للإنسان أن يزور البقيع، وفي البقيع أحد الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان، وقبره معروف، وما عداه من القبور فليست معروفة، وإن كان مشهور عند الناس أن هذا قبر فلان، هذا قبر مالك، وهذا قبر آل البيت وما أشبه ذلك لكن الإنسان ما يتيقن أما قبر عثمان فهو معروف؛ لأنه قد جُعِل له طريق يصل إليه، ودُفن هناك بعيدًا؛ لأنكم تعلمون أنه استُشْهد في فتنة فدفنوه ليلًا بعيدًا خوفًا من الخوارج الذين خرجوا عليه أن يستخرجوه من قبره ويمثلوا به رضي الله عنه.