فإن قال قائل: هل تجعلون العجز الحسي كالعجز الشرعي؟ يعني لو كان الإنسان مريضًا لا يستطيع أن يطوف لا بنفسه ولا بغيره هل يسقط عنه طواف الوداع؟
فالجواب: لا؛ لأن إحدى أمهات المؤمنين استأذنت من النبي صلى الله عليه وسلم أن تدع طواف الوداع لكونها مريضة، قال لها:«طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ»(٦). فهذا المريض نقول له: الأمر مُيسَّر ولله الحمد، فيه عربيات الآن ( ... ) يركبها ويطوف، وفيه شيء يُحمل على الأكتاف ويطوف.
إذن لا يسقط طواف الوداع إلا عن الحائض والنفساء فقط.
يقول رحمه الله:(حتى يطوف الوداع فإن أقام أو اتجر بعده أعاده) إن أقام بعد طواف الوداع ولو يسيرًا وجبت عليه إعادته؛ لأنه لا يصدق عليه أنه آخر أموره إلا أنه يُستثنى من ذلك إذا أقام لعجزه عن السفر؛ بمعنى أنه ودَّع وركب السيارة لكن لم يتيسر له السير لشدة الزحام فلا حرج، أو لما انتهى من الطواف أذَّن للصلاة فأقام ليصلي فلا بأس؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه لما طاف للوداع صلى الفجر، ثم سار متجهًا إلى المدينة (٧).
كذلك لو أقام لانتظار رُفقة، يعني تواعدوا أن يذهبوا للوداع، ثم يحضروا إلى مقر إقامتهم ليمشوا، لكن اختلفوا، لما طافوا للوداع بعضهم وبعضهم ما حضر، فهنا نقول: لا بأس أن يُقيم الحاضرون لانتظار رفقتهم؛ لأننا لو قلنا: إن هؤلاء يلزمهم أن يعيدوا الطواف لما انتظروا الرفقة وبقوا ساعة، ساعتين فذهبوا يطوفون، انتظرهم آخرون الذين حضروا، وإذا طال الوقت نقول: روحوا أعيدوا الطواف، وهكذا فتكون سلسلة.
فالمهم أن وجه عدم وجوب الإعادة في طواف الوداع لانتظار الرفقة هو أنه لو ألزمناهم بإعادة طواف الوداع لصار تسلسلًا ودورًا.