مثل قول الماتن رحمه الله:(وإذا أُقِيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) هذا لفظ المتن، وهو أيضًا لفظ الحديث، فمتى أمكنك أن تأتي بالألفاظ الشرعية فهو خير وأسلم لذمتك، ويفهم الناس منها ما يفهمون من الدليل، ما هو من كلامك.
فالمؤلف قال:(من تعجل في يومين) يعني فلا إثم عليه. ولكن ما المراد باليومين؟ عند العوام المراد باليومين: العيد والحادي عشر، واللي يحب أن يرجع إلى أهله يفتي نفسه بهذا، يقول: لأني جلست في منى يومًا، وهو العيد، ويومًا ثانيًا، إذن تعجل في يومين، والله عز وجل لم يقل: ومن تأخر في يومين. قال:{مَنْ تَأَخَّرَ}. إحنا ( ... ) التأخر بيومين والتقدم التعجل بيومين لكن هذا فهم مَنْ؟ فهم الجاهل العامي، والله عز وجل يقول:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ} يعني في هذه الأيام. {مَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}[البقرة: ٢٠٣]، والأيام المعدودات هي أيام التشريق؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ»(١).
فإذا كانت الأيام المعدودات أيام التشريق، فمتى يكون التعجل في يومين؟ في أي اليومين؟ في الثاني عشر، ولاحظوا أن الآية لا تدل على أنه يتعجل في اليوم الأول؛ لأنه قال:{مَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} ولو تعجل في اليوم الأول لكان تعجل في يوم فلا بد يعني أن يتأخر إلى اليوم الثاني، أقول: لا يقول قائل: إن في للظرفية، والله تبارك وتعالى جعل اليومين ظرفًا، والظرف يستوي أوله وآخره، نقول: لا، إن الله قال: في يومين، فلو تعجَّل في اليوم الأول لكان تعجل في يوم.
(في) للظرفية فلا بد أن يكون التعجل قبل غروب الشمس؛ لأنها لو غابت الشمس لم يكن تعجل في يومين إذ إن اليومين انقضيا.