للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجواب: المسألة فيها خلاف، ما هي إجماعية، فمن العلماء من قال: إذا وُكِّل الإنسان في الرمي فلا بد أن يرمي أولًا عن نفسه الثلاث، ثم يعود فيرمي عن موكله، وإذا كان الذي وكله خمسة أو ستة يعود بعدد الموكلين؛ لأنها عبادة لا يمكن يتداخل بعضها ببعض.

ولكن من تأمل كون الصحابة رضي الله عنهم يرمون عن النساء وعن الصبيان فإن ظاهر الحال أنهم يرمون في موقف واحد، وإلا لقالوا فيرمي أحدنا عن نفسه ثم يعود فيرمي عن من توكل عنه، فنقول: لولا ظاهر فعل الصحابة لكان القول بأنه لا بد أن يرمي الثلاث أولا عن نفسه ثم عن موكله هو الصواب، لكن ما دام هذا ظاهر فعل الصحابة، ثم الحال تقتضي ذلك في الوقت الحاضر -هذا الزحام الشديد- كيف نلزم عباد الله بشيء لم يتبين فيه الدليل ظاهرًا؟ وهذه قاعدة ينبغي أن يبني الإنسان عليها كل شيء لا يكون فيه الدليل ظاهرًا، فلا تلزم به الناس مع المشقة؛ لأن الأصل براءة الذمة وعدم التكليف.

وما دام ليس هناك دليل ظني جدًّا أو قطعي فإن الأولى أن لا تلزم العباد، نعم، لو كان الناس مثل الأول كان في الأول ما تجد عند الجمرة إلا عشرة، عشرين فقط، هذا ربما يُقال: الاحتياط أولى، لكن الآن كما تشاهدون المسألة صعبة جدًّا، فلا يجسر للإنسان أن يلزم عباد الله بأمر فيه احتمال.

طالب: يا شيخ، أحسن الله إليك، التوكيل في الرمي أليس ظاهر حال الصحابة أنهم يتوكلون للحاجة لا للضرورة، يعني النساء والصبيان بالذات، يمكن يأتي الصبي فيرمي.

الشيخ: لا، قد يقال مثلًا إن الصبيان الذي لا يمكن، ولهذا قال الفقهاء -رحمهم الله- إذا أراد أن يرمي عن الصبي فالأفضل أن يجعلها في يد الصبي ثم يأخذها ويرمي عنه؛ يعني: يحملونهم معهم.

طالب: على هذا يا شيخ ضابط التوكيل؟

<<  <  ج: ص:  >  >>