للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يذكر المؤلف إلى متى يكون الرمي، لكن سيشير إليه قريبًا (بعد الزوال، مستقبل القبلة مرتبًا) يعني يكون حين رميه مستقبل القبلة، وأين تكون الجمرات؟ تكون العقبة عن يمينه، والأولى عن يساره، والوسطى سكت عنها المؤلف، ولكنه قال: إنها مثل الأولى، فتكون عن يساره، وغيره قال: إنها تكون عن يمينه، والصواب أن الجمرات كلها تكون بين يديه.

يقول: (مستقبل القبلة مرتبًا) يعني بادئًا بالأولى، ثم الوسطى، ثم العقبة، دليل هذا أنه مرتب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (٧)، والترتيب شرط، فلو بدأ بالعقبة ثم الوسطى ثم الأولى، ما الذي يصح؟ الأولى فقط، ونقول: ارم الوسطى والعقبة، ولو بدأ بالعقبة ثم الأولى ثم الوسطى تصح الأولى والوسطى؟ ونقول: ارم العقبة؛ لأنها صارت قبل أن يجوز رميها.

فالترتيب شرط، فإن خالفه ونكس فإن كان متعمدًا فكما سمعتم لا يصح منه إلا رمي الأولى، أو الأولى والوسطى على حسب المثال، وإن كان جاهلًا أو ناسيًا، جاهلًا يظن أنه لا فرق بين أن يبدأ بهذا أو هذا، أو نسي أو تاه، فهل نقول: إنه يلزمه أن يعيد الرمي مرتبًا أو يسقط؟

في هذا قولان للعلماء، ونظيرها الترتيب في الوضوء، لو خالف الترتيب ناسيًا أو جاهلًا ففيه الخلاف، فمن العلماء من يقول: يسقط؛ لأن هذا وصف في عبادة وليس عبادة، والوصف يسقط بالجهل والنسيان، فنقول: إذا أمكن أن يعيد هذا ( ... ).

فأرجو أن لا يكون عليه بأس إن شاء الله.

قال رحمه الله: (فإن رماه كله في الثالث أجزأه ويرتبه بنيته) إن رماه أي الجمرات كلها في اليوم الثالث أجزأ، وظاهر كلام المؤلف أنه يجزئ ولا شيء عليه؛ بمعنى: لو أخر رمي جمرة العقبة يوم العيد ورمي الجمرات الثلاث يوم الأحد عشر ويوم اثني عشر، ورماها كلها في آخر يوم، يقول: لا بأس، يجزئ.

<<  <  ج: ص:  >  >>