الوجه الثاني أيما أيسر للأمة أن ترمي قبل الزوال في الصباح أو بعد الزوال؟
الأول؛ لأنه بعد الزوال يشتد الحر ويشق على الناس أن يأتوا من مخيمهم إلى الجمرات، ومع شدة الحر يكون الغم مع الضيق والزحمة، فلا يمكن أن يختار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الأشد ويدع الأخف فإنه ما خُيِّر بين اثنين بين شيئين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا (٢١)، فنعلم من هذا أنه لو رمى قبل الزوال صار ذلك إثمًا، ولذلك تجنبه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ثم لعل هناك أيضًا فائدة أخرى وهي الابتلاء، ابتلاء العباد، هل يرمون مع المشقة أو يتقدمون خوف المشقة؟
وليس هذا ببعيد أن يبتلي الله عباده في مثل هذا، لذلك نقول: لا يجوز لإنسان أن يرمي الجمرات في أيام التشريق قبل الزوال، رخص بعض العلماء في اليوم الثاني عشر لمن أراد أن يتعجل أن يرمي قبل الزوال، ولكن لا ينفر من منى إلا بعد الزوال، وبعضهم أطلق جواز الرمي قبل الزوال في اليوم الثاني عشر، ولكن لا وجه لهذا إطلاقًا مع وجود السنة النبوية، ولهذا قال ابن عمر: كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا (٢٢)، فلو قال قائل: إن الله تعالى يقول: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْه}[البقرة: ٢٠٣]، والأيام تكون في أول النهار وآخر النهار.
فالجواب أن هذا المطلق في القرآن بينته السنة، وليس هذا أول مطلق تبينه السنة، فما دام النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الله برمي الجمرات في هذا الوقت فإنه لا يجزئ قبله.